الخميس، 10 نوفمبر 2011

رسالة في الفقه الميسر للدكتور : صالح بن غانم السدلان الجزء الأول

 
الكتاب : رسالة في الفقه الميسر

المؤلف : صالح بن غانم السدلان

الطبعة : الأولى

الناشر : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية

تاريخ النشر : 1425هـ

عدد الصفحات : 134

عدد الأجزاء : 1

تقديم
 
مكانة التراث الفقهي وتأصيل احترامه في نفوس المسلمين

أهمية التراث الفقهي:

الحمد للّه وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده (أما بعد) :
فإن من نافلة القول أن نقرر أن علم الفقه كان أوفر العلوم الإسلامية حظا ؛ ذلك لأنه الأصل الذي يزن به المسلم عمله أحلال أم حرام ؟ أصحيح أم فاسد؟ والمسلمون في جميع العصور حريصون على معرفة الحلال والحرام والصحيح والفاسد من تصرفاتهم سواءً ما يتصل بعلاقتهم باللّه أو بعباده : قريبا كان أو بعيدا عدوا كان أو صديقا، حاكما كان أو محكوما، مسلما كان أو غير مسلم ولا سبيل إلى معرفة ذلك إلا من علم الفقه الذي يبحث فيه عن حكم اللّه على أفعال العباد طلبا أو تخييرا أو وضعا .

ولما كان الفقه كغيره من العلوم ينمو باستعماله ويضمر بإهماله مرت به أطوار نما فيها وترعرع وتناول كل مناحي الحياة ثم عَدت عليه عوادي الزمن فوقف نموه أو كاد لأنه أبعد إما عن عمد أو إهمال عن كثير من جوانب الحياة، لاستبدال أكثر دول الإسلام قوانين أخرى وضعية به لا تمت إلى معتقداتهم وعاداتهم وبيئتهم بصلة أعجبوا ببريقها فأفسدت عليهم الحياة ؛ وتعقدت بهم المشكلات . وبالرغم من توالي الضربات على هذا العلم الجليل فإنه لقوة أساسه وإحكام بنيانه لا يزال صامدا على مر العصور وقد أذن اللّه تعالى لهذه الأمة أن تصحوَ بعد غفوتها وتعلن عن رغبتها في العودة إلى حظيرة الإسلام تشريعا وتطبيقا .
ورأينا الكثرة الكاثرة من الشعوب الإسلامية تنادي بوجوب الرجوع إلى شريعة اللّه ولم يبق متعلقا بالقوانين الوضعية إلا شرذمة ترى أن حياتها مرتبطة بحياته وسعة أرزاقها منوطة ببقائه ولكن اللّه سيظهر دينه ولو كره المشركون!! .
ولكن متى بدأت نشأة الفقه؟ وما سبب نشأته؟ وما هي خصائصه ومزاياه؟ وما واجب المسلمين تجاهه؟ إليك بيان ذلك مفصلا :
بدأت نشأة الفقه تدريجيا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وفي عصر الصحابة، وكان سبب نشوئه وظهوره المبكر بين الصحابة هو حاجة الناس الماسة إلى معرفة أحكام الوقائع الجديدة، وظلت الحاجة إلى الفقه قائمة في كل زمان لتنظيم علاقات الناس الاجتماعية، ومعرفة الحقوق لكل إنسان، وإيفاء المصالح المتجددة، ودرء المضار والمفاسد المتأصلة والطارئة .

(مكانة التراث الفقهي ومزاياه)

يمتاز الفقه الإسلامي بعدة مزايا أو خصائص أهمها ما يأتي :
 
1 - أن أساسه الوحي الإلهي :

نعم يتميز الفقه الإسلامي بأن مصدره وحي اللّه تعالى المتمثل في القرآن والسنة النبوية، فكل مجتهد مقيد في استنباطه الأحكام الشرعية بنصوص هذين المصدرين، وما يتفرع عنهما مباشرة، وما ترشد إليه روح الشريعة، ومقاصدها العامة، وقواعدها الكلية، فكان بذلك كامل النشأة، سوي البنية، وطيد الأركان لاكتمال مقاصده، وإتمام قواعده، وإرساء أصوله في زمن الرسالة وفترة الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } [المائدة : 3] , ولم يبق بعدئذ إلا التطبيق العملي وفق المصالح البشرية التي تنسجم مع مقاصد الشريعة .

2 - شموله كل متطلبات الحياة :

يمتاز الفقه الإسلامي بأنه يتناول علاقات الإنسان الثلاث : علاقته بربه، وعلاقته بنفسه، وعلاقته بمجتمعه ؛ لأنه للدنيا والآخرة، ولأنه دين ودولة، وعام للبشرية وخالد إلى يوم القيامة، فأحكامه كلها تتآزر فيها العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملة، لتحقق- بيقظة الضمير، والشعور بالواجب ومراقبة اللّه تعالى في السر والعلن، واحترام الحقوق- غاية الرضا والطمأنينة والإيمان والسعادة والاستقرار، وتنظيم الحياة الخاصة والعامة وإسعاد العالم كله .
ومن أجل تلك الغاية : كانت الأحكام العملية (الفقه) وهي التي تتعلق بما يصدر عن المكلف من أقوال وأفعال وعقود وتصرفات شاملة نوعين :
الأول : أحكام العبادات : من طهارة وصلاة وصيام وحج وزكاة ونذر ويمين ونحو ذلك مما يقصد به تنظيم علاقة الإنسان بربه .
الثاني : أحكام المعاملات : من عقود وتصرفات وعقوبات وجنايات وضمانات، وغيرها مما يقصد به تنظيم علاقات الناس بعضهم ببعض، سواء أكانوا أفرادا أم جماعات، وهذه الأحكام تتفرع إلى ما يلي :
أ- الأحكام التي تسمى حديثًا بالأحوال الشخصية : وهي أحكام الأسرة من بدء تكوينها إلى نهايتها من زواج وطلاق ونسب ونفقة وميراث، ويقصد بها تنظيم علاقة الزوجين والأقارب بعضهم ببعض .
ب- الأحكام المدنية : وهي التي تتعلق بمعاملات الأفراد ومبادلاتهم من بيع وإجارة ورهن وكفالة وشركة ومداينة ووفاء بالالتزام، ويقصد بها تنظيم علاقات الأفراد المالية وحفظ الحقوق .
ج- الأحكام الجنائية : وهي التي تتعلق بما يصدر من المكلف من جرائم، وما يستحقه عليها من عقوبات، ويقصد بها حفظ حياة الناس وأموالهم وأعراضهم وحقوقهم، وتحديد علاقة المجني بالجاني وبالأمة، وضبط الأمن .
د- أحكام المرافعات أو الإجراءات المدنية أو الجنائية : وهي التي تتعلق بالقضاء والدعوى وطرق الإثبات بالشهادة واليمين والقرائن وغيرها، ويقصد بها تنظيم الإجراءات لإقامة العدالة بين الناس .
هـ- الأحكام الدستورية : وهي التي تتعلق بنظام الحكم وأصوله، ويقصد بها تحديد علاقة الحاكم بالمحكوم، وتقرير ما للأفراد والجماعات من حقوق، وما عليهم من واجبات .
و- الأحكام الدولية : وهي التي تتعلق بتنظيم علاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الدول في السلم والحرب، وعلاقة غير المسلمين المقيمين بالدولة، وتشمل الجهاد والمعاهدات، ويقصد بها تحديد نوع العلاقة والتعاون والاحترام المتبادل بين الدول .
ز- الأحكام الاقتصادية والمالية : وهي التي تتعلق بحقوق الأفراد المالية والتزاماتهم في نظام المال، وحقوق الدولة وواجباتها المالية، وتنظيم موارد الخزينة ونفقاتها . ويقصد بها تنظيم العلاقات المالية بين ا لأغنياء والفقراء، وبين الدولة والأفراد .
وهذه تشمل أموال الدولة العامة والخاصة، كالغنائم والأنفال والعشور (ومنها الجمارك) والخراج (ضريبة الأرض) والمعادن الجامدة والسائلة وموارد الطبيعة المخلوقة، وأموال المجتمع : كالزكاة والصدقات والنذور والقروض، وأموال الأسرة : كالنفقات والمواريث والوصايا، وأموال الأفراد : كأرباح التجارة، والأجرة، والشركات، وكل مرافق الاستغلال المشروع، والإنتاج، والعقوبات المالية : كالكفارات والديات والفدية .
ح- الأخلاق والآداب : وهي التي تحد من جموح الإنسان، وتشيع أجواء الفضيلة والتعاون والتراحم بين الناس .
وكان سبب اتساع الفقه هو ما جاء في السنة النبوية من الأحاديث الكثيرة في كل باب من هذه الأبواب .
3 - من مميزات الفقه الإسلامي اتصافه بالصفة الدينية حلا وحرمة :
يفترق الفقه عن القانون الوضعي في أن كل فعل أو تصرف مدني في المعاملات يتصف بوجود قاعدة الحلال والحرام فيه، مما يؤدي إلى اتصاف أحكام المعاملات بوصفين :
أحدهما : دنيوي على ظاهر الفعل أو التصرف، ولا علاقة له بالأمر المستتر الباطني (وهو الحكم القضائي) لأن القاضي يحكم بما هو مستطاع .
وحكمه لا يجعل الباطل حقا، والحق باطلا في الواقع، ولا يحل الحرام ولا يحرم الحلال في الواقع، ثم إن القضاء ملزم، بعكس الفتوى .
والثاني : حكم أخروي يبنى على حقيقة الشيء والواقع، وإن كان خفيا عن الآخرين، ويعمل به فيما بين الشخص وبين ربه تعالى . وهو الحكم (الدياني) وهذا ما يعتمده المفتي في فتواه .
4 - مما يميز الفقه الإسلامي ارتباطه بالأخلاق :
يختلف الفقه عن القانون الوضعي في تأثره بقواعد الأخلاق، فليس للقانون الوضعي إلا غاية نفعية وهي العمل على حفظ النظام واستقرار المجتمع، وإن أهدرت بعض مبادئ الدين والأخلاق .
أما الفقه فيحرص على رعاية الفضيلة والمثل العليا والأخلاق القويمة، فتشريع العبادات من أجل تطهير النفس وإبعادها عن المنكرات، وتحريم الربا بقصد نشر روح التعاون والتعاطف بين الناس، وحماية المحتاجين من جشع أصحاب المال، والمنع من التغرير والغش في العقود وأكل المال بالباطل، وإفساد العقود بسبب الجهالة ونحوها من عيوب الرضا، من أجل إشاعة المحبة وتوفير الثقة، ومنع المنازعة بين الناس، والسمو عن أدران المادة، واحترام حقوق الآخرين .
وإذا تآزر الدين والخُلق مع التعامل : تحقق صلاح الفرد والمجتمع وسعادتهما معا، وتهيأ سبيل الخلود في جنة النعيم في الآخرة ؛ وبذلك تكون غاية الفقه هي خير الإنسان حقا في الحال والمآل، وإسعاده في الدنيا والآخرة . لهذا : كان الفقه صالحا للبقاء والتطبيق الدائم : ففقه القواعد الأصلية لا يتغير كالتراضي في العقود، وضمان الضرر، وقمع الإجرام وحماية الحقوق، والمسؤولية الشخصية، أما الفقه المبني على القياس ومراعاة المصالح والأعراف، فيقبل التغير والتطور بحسب الحاجات الزمنية، وخير البشرية، والبيئات المختلفة زمانا ومكانا، مادام الحكم في نطاق مقاصد الشريعة وأصولها الصحيحة، وذلك في دائرة المعاملات لا في العقائد والعبادات، وهذا هو المراد بقاعدة "تتغير الأحكام بتغير الأزمان " .
إذن فالعمل بالفقه واجب إلزامي :
نعم :
لأن المجتهد يجب عليه أن يعمل بما أداه إليه اجتهاده، وهو بالنسبة إليه حكم اللّه تعالى . وعلى غير المجتهد أن يعمل بفتوى المجتهد، إذ ليس أمامه طريق آخر لمعرفة الحكم الشرعي سوى الاستفتاء : { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [الأنبياء : 7] وإنكار حكم من أحكام الشريعة التي تثبت بدليل قطعي، أو زعم قسوة حكم ما كالحدود مثلا، أو ادعاء عدم صلاحية الشريعة للتطبيق، يعتبر كفرا وردة عن الإسلام . أما إنكار الأحكام الثابتة بالاجتهاد المبني على غلبة الظن فهو معصية وظلم، لأن المجتهد بذل أقصى جهده لمعرفة الحق وبيان حكم اللّه تعالى، بعيدا عن أي هوى شخصي، أو مأرب نفعي، أو طلب سمعة أو شهرة زائفة، وإنما مستنده الدليل الشرعي، ورائده الحق، وشعاره الأمانة والصدق والإخلاص .
المؤلف .
د . صالح بن غانم السدلان

القسم الأول : العبادات
ويتضمن ما يلي :
1 - الطهارة .
2 - الصلاة .
3 - الزكاة .
4 - الصوم .
5 - الحج .
6 - الأضحية والعقيقة .
7 - الجهاد .


القسم الأول : العبادات

1 - الطهارة
أ- تعريف الطهارة لغة واصطلاحا :
الطهارة لغة : النظافة والنزاهة .
وفي الاصطلاح : زوال الوصف القائم بالبدن المانع من الصلاة ونحوها .
المياه
ب- أنواع المياه :
والمياه ثلاثة أنواع، النوع الأول :- الطهور- وهو الباقي على صفته التي خلق عليها، وهو الذي يرفعِ الحدث ويزيل النجاسة الطارئة على المحل الطاهر . قال تعالى : { وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ } [ الأنفال : 11] .
النوع الثاني :- الطاهر- وهو ما تغير لونه أو طعمه أو ريحه بغير نجاسة وهو : طاهر في نفسه، إلا أنه لا يرفع الحدث لتغير صفة من صفاته .
النوع الثالث :- النجس- وهو المتغير بالنجاسة قليلا كان أو كثيرا .
يطهر الماء النجس بزوال تغيره بنفسه، أو بنزحه، أو إضافة ماء إليه ويزول عنه التغير .
إذا شك المسلم في نجاسة ماء أو طهارته بنى على اليقين وهو أن الأصل في الطاهرات الطهارة .
إذا اشتبه ما تجوز به الطهارة بما لا تجوز به الطهارة تركها وتيَمَّم .
إذا اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة أو محرمة بنى على اليقين وصلى صلاة واحدة .

جـ - أنواع الطهارة :
 
الطهارة في الشرع معنوية وحسية، فالحسية طهارة الجوارح، والمعنوية طهارة القلوب من دنس الذنوب . والحسية أيضا هي الفقهية التي تراد للصلاة أي ظاهرا، وهي على نوعين :
طهارة حدث، وطهارة خبث، فطهارة الحدث ثلاث : كبرى وهي الغُسل . وصغرى وهي الوضوء . وبدل منهما عند تعذرهما وهو التيمم . وطهارة الخبث ثلاث : غَسْل، ومسح، ونضح .


الآنية
تعريف الآنية :
أ- التعريف اللغوي :
الآنية جمع إناء . والإناء : الوعاء للطعام والشراب . وجمع الجمع أوان ويقاربه الظرف والماعون .
ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللفظ عن الاستعمال اللغوي .

ب- أنواع ا لأواني :
الآنية بالنظر إلى ذاتها أنواع هي :
1 - آنية الذهب والفضة .
2 - الآنية المفضضة .
3 - الآنية المموهة .
4 - الآنية النفيسة لمادتها أو صنعتها .
5 - آنية الجلد .
6 - آنية العظم .
7 - آنية من غير ما سبق كالخزف والخشب والصُّفر والأواني العادية .

جـ - الحكم الشرعي للآنية :
كل إناء طاهر ثمينا كان أم غير ثمين يباح اتخاذه واستعماله إلا آنية الذهب والفضة والمموه بهما ؛ لما روى حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة » متفق عليه .
وما حرم استعماله حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال كآلة الطرب والمزمار . ويستوي في النهي عن ذلك الرجال والنساء لعموم الخبر .
ولا ينجس شيء بالشك ما لم تعلم نجاسته يقينا ؛ لأن الأصل الطهارة .

د- آنية غير المسلمين :
وتشمل :
1 - آنية أهل الكتاب .
2 - آنية المشركين .
وحكمها الشرعي أنه يباح استعمالها ما لم يتيقن عدم طهارتها ؛ لأن الأصل الطهارة .
وثياب غير المسلمين طاهرة ما لم يتيقن نجاستها .
ويطهر جلد الميتة مأكولة اللحم بالدباغ .
وما أبين من حي فهو نجس كالميتة، وأما الصوف والريش والشعر والوبر فهو طاهر إذا أخذ في الحياة .
ويسن تغطية الآنية وإيكاء الأسقية لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أوك سقاءك واذكر اسم اللّه، وخَمّر إناءك واذكر اسم اللّه، ولو أن تعرض عليه عودا » متفق عليه .


الاستنجاء وآداب التخلي

الاستنجاء هو : إزالة الخارج من السبيلين بالماء .
الاستجمار هو : إزالة الخارج من السبيلين بحجر أو ورق ونحوهما .
يستحب عند دخول الخلاء، تقديم الرجل اليسرى وقول : "بسم اللّه، أعوذ باللّه من الخبث والخبائث " .
يستحب عند الخروج من الخلاء تقديم الرجل اليمنى وقول : "غفرانك، الحمد للّه الذي أذهب عني الأذى وعافاني " .
يستحب لمن أراد قضاء الحاجة اعتماده على رجله اليسرى، فإن كان في الفضاء استحب بعُده عن العيون واستتاره وارتياده مكانا رخوا لبوله لئلا يتنجس .
يكره دخول الخلاء بشيء فيه ذكر اللّه تعالى إلا لحاجة، ورفع ثوبه قبل دنوه من الأرض، وكلامه فيه، وبوله في شق ومس فرجه بيمينه، واستجماره بها .
يحرم استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة في الفضاء ويجوز في العمران والأفضل اجتنابه .
يحرم البول والغائط في الطريق والظل النافع وتحت شجرة مثمرة ونحو ذلك .
يستجمر بحجر طاهر ثلاث مسحات منقية فإن لم ينق زاد، ويسن قطعه على وتر ثلاث أو خمس ونحوهما .
يحرم الاستجمار بعظم وروث وطعام ومحترم . ويجوز إزالة الخارج بالماء والمناديل والورق، والجمع بين الأحجار والماء أفضل من الماء وحده .
يجب غسل موضع النجاسة من الثوب بالماء، فإن خفي موضعها غسل الثوب كله .
من السنة أن يبول الرجل قاعدا ولا يكره بوله قائما إن أمن التلوث .


سنن الفطرة

أ- تعريفها :
الفطرة : هي السنة القويمة والخلقة المبتدأة ، والفطرة هي ما يجب أن يكون عليه الإنسان في حياته .

ب- من سنن الفطرة :
1 - السواك : وهو مسنون كل وقت، وهو مطهرة للفم ومرضاة للرب، ويتأكد عند الوضوء والصلاة وقراءة القرآن ودخول المسجد والمنزل وعند الاستيقاظ من النوم وعند تغير رائحة الفم .
2 - حلق العانة ونتف الإبط وقص الأظافر وغسل البراجم .
3 - قص الشارب وإعفاء اللحية وتوفيرها .
4 - إكرام شعر الرأس ودهنه وتسريحه، ويكره القزع وهو حلق بعض الرأس وترك بعضه ؛ لأنه يشوه الخلقة .
5- تغيير الشيب بالحناء والكتم .
6- التطيب بالمسك أو غيره .
7- الختان : وهو قطع الجلدة التي تغطي الحشفة لئلا يجتمع فيها الوسخ والبول هذا بالنسبة للذكر .
أما ختان الأنثى فهو : قطع جزء من الجلدة التي في أعلى الفرج فوق مدخل الذكر وهو كالنواة أو كعرف الديك، ويعلمها الأطباء المشتغلون بالختان . والختان طهارة ونظافة وله فضائل كثيرة وهو سنة في حق الذكر ومكرمة في حق الأنثى .


الوضوء

أ- معنى الوضوء :
استعمال ماء طهور في الأعضاء الأربعة على صفة مخصوصة في الشرع .

ب- فضل الوضوء :
يدل لفضل الوضوء ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء » [رواه مسلم ] .
وإسباغ الوضوء على الأعضاء - من غير إسراف - موجب لأهله أن يكونوا من الغر المحجلين يوم القيامة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل » .

ج- شروط الوضوء عشرة هي :
1 - الإسلام .
2 - العقل .
3 - التمييز .
4 - النية واستصحاب حكمها بأن لا ينوي قطعها حتى تتم الطهارة .
5 - انقطاع موجب .
6 - الاستنجاء أو الاستجمار .
7 - أن يكون الماء طاهرا .
8 - أن يكون مباحا .
9 - إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة .
15 - دخول وقت على من حدثه دائم لفرضه .

د- موجب الوضوء :
موجبه هو وجود الحدث .

هـ- فروض الوضوء :
فروض الوضوء ستة :
الأول : غسل الوجه والفم والأنف منه .
الثاني : غسل اليدين إلى المرفقين .
الثالث : مسح الرأس ومنه الأذنان .
الرابع : غسل الرجلين .
قال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ } [سورة المائدة : 6] .
الخامس : الترتيب لأن اللّه جل شأنه ذكره مرتبا وأدخل ممسوحا بين مغسولين .
السادس : الموالاة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك .

و- سنن الوضوء :
من سنن الوضوء :
أ- السواك .
ب- غسل الكفين ثلاثا .
ج- المضمضة والاستنشاق .
د- تخليل اللحية الكثيفة وأصابع اليدين والرجلين .
هـ- التيامن .
و- الغسلة الثانية والثالثة .
ز- أخذ ماء جديد للأذنين .
ح- الدعاء بعد الوضوء .
ط- صلاة ركعتين بعده .

ز- مكروهاته :
من مكروهات الوضوء :
1 - التوضؤ في المكان النجس لما يخشى أن يتطاير إليه من النجاسة .
2 - الزيادة على الثلاث لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا وقال : « من زاد فقد أساء وظلم » [رواه النسائي ] .
3- الإسراف في الماء ؛ إذ توضأ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بمد والمد- حفنة- والإسراف في كل شيء منهي عنه .
4- ترك سنة أو أكثر من سنن الوضوء ؛ إذ تركها يفوته أجرا يجب الحرص عليه ولا ينبغي تفويته .

ح- نواقض الوضوء :
نواقض الوضوء سبعة :
الأول : الخارج من السبيلين .
الثاني : الخارج من بقية البدن .
الثالث : زوال العقل بجنون أو إغماء أو سكر .
الرابع : مس ذكر آدمي أو مس قبل من امرأة بدون حائل .
الخامس : مس رجل امرأة بشهوة ، أو مس المرأة الرجل بشهوة .
السادس : أكل لحم الإبل .
السابع : كل ما أوجب غسلا أوجب وضوء كالإسلام وانتقال مني ونحوهما إلا الموت فإنه يوجب الغسل دون وضوء .


الغسل

أ- تعريف الغسل لغة واصطلاحا :
الغُسل بالضم الماء ، وبالفتح الفعل ، وبالكسر المادة المنظفة .
المعنى الاصطلاحي :
الغسل في عرف الشريعة : إفاضة الماء على جميع البدن من قمة الرأس إلى قرار القدم بالماء الطهور على وجه مخصوص ، والرجل والمرأة فيه سواء إلا أنه في حالة الغسل من الحيض أو النفاس ينبغي أن تزيل أثر الدم تماما بمطهر له رائحة نفاذة على رائحة الدم .

ب- موجبات الغسل :
 
وموجباته ستة أشياء وهي :
1 - خروج المني دفقا بلذة من رجل أو امرأة .
2 - تغييب حشفة أصلية في فرج أصلي .
3 - إذا مات المسلم وجب تغسيله إلا شهيد المعركة في سبيل اللّه .
4 - إسلام كافر أصليا أو مرتدا .
5 - الحيض .
6 - النفاس .

جـ- من الأغسال المستحبة في الإسلام :
أ- غسل يوم الجمعة .
ب- غسل الإحرام .
ج- الغسل لمن غسّل الميت .
د- غسل العيدين .
هـ- إذا أفاق من جنون أو إغماء .
و- غسل دخول مكة .
ز- الاغتسال لصلاة كسوف أو استسقاء .
ح- غسل المستحاضة لكل صلاة .
ط- لكل اجتماع مستحب .

د- شروط الغسل :
شروطه سبعة :
أ- انقطاع ما يوجب الغسل .
ب- النية .
ج - الإسلام .
د- العقل .
هـ- التمييز .
و- الماء الطهور المباح .
ز- إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة .

هـ- واجب الغسل :
وواجبه التسمية وتسقط سهوا لا عمدا .

و- فرض الغسل :
فرضه النية وأن يعم الماء جميع بدنه وداخل فمه وأنفه ويكفي في ذلك الظن الغالب .
ومن نوى غسلا مسنونا أو واجبا أجزأ أحدهما عن الآخر .
ويكفي عن جنابة وحيض غسل واحد بنية واحدة .

ز- سنن الغسل :
 
وسننه :
أ- التسمية .
ب- البداية بإزالة الأذى .
ج- غسل الكفين قبل إدخالهما في الإناء .
د- الوضوء قبله .
هـ- التيامن .
و- الموالاة .
ز- إمرار اليد على سائر الجسد .
ح- إعادة غسل الرجلين بمكان آخر .

ح- مكروهات الغسل :
يكره في الغسل :
أ- الإسراف في الماء .
ب- الغسل في المكان النجس .
ي- الاغتسال بلا ساتر من حائط ونحوه .
د- الاغتسال في الماء الراكد .

ط- ما يحرم على الجنب :
يحرم عليه :
أ- الصلاة .
ب- الطواف بالكعبة .
ج- مس المصحف وحمله إلا بغلافه .
د- الجلوس بالمسجد .
هـ- قراءة القرآن .


النجاسات

أحكامها - إزالتها
 
أ- معناها لغة وشرعا :
النجاسة في اللغة هي : القذارة ، ونجس الشيء نجسا : قذر . وتنجس الشيء : صار نجسا : تلطخ بالقذر .
والنجاسة في عرف الشرع : قدر مخصوص يمنع جنسه الصلاة كالبول والدم والخمر .

ب- أنواع النجاسة :
النجاسة نوعان :
1 - عينية
2 - حكمية .
والعينية : الذوات النجسة كالكلب والخنزير ولا تطهر بغسلها بحال .
والحكمية : النجاسة الطارئة على محل طاهر .

ج- أقسام النجاسة :
تنقسم النجاسة إلى ثلاثة أقسام :
1 - قسم متفق على نجاسته .
2 - قسم مختلف في نجاسته .
3 - قسم معفو عنه .

ا- ما اتفق على نجاسته :
1 - الميتة من كل حيوان بري، أما البحري فميتته طاهرة حلال .
2 - الدم المسفوح : وهو الذي يسيل من الحيوان البري أثناء ذبحه .
3 - لحم الخنزير .
4 - بول الإنسان .
5 - غائط الإنسان .
6 - المذي .
7 - الودي .
8 - لحم ما لا يحل أكله من الحيوان .
9 - ما فصل من حيوان حي كأن يقطع ذراع الشاة مثلا وهي حية .
10 - دم الحيض .
11 - دم النفاس .
12 - دم الاستحاضة .

2 - ما اختلف في نجاسته :
1 - بول ما يؤكل لحمه .
2 - روث ما يؤكل لحمه .
3 - المني .
4 - لعاب الكلب .
5 - القيء .
6 - ميتة ما لا دم له : كالنحل والصرصور والبرغوث ونحوها .

3 - ما يعفى عنه من النجاسات :
1 - طين الشوارع .
2 - الدم اليسير .
3 - القيح والصديد من إنسان أو حيوان مأكول اللحم .

د- كيفية تطهير النجاسات :
تطهير النجاسات بالغسل وبالنضح والدلك والمسح .
- تطهير الثوب النجس : إن كانت النجاسة ذات جرم فبحكها وحتها ثم بغسلها . وإن كانت رطبة فبالغسل .
- تطهير بول الصبي : يطهر بول الصبي الذي لم يأكل الطعام بالنضح .
وتطهر النجاسة على الأرض بإزالة جرمها ويصب الماء على النجاسة المائعة . ويطهر النعل بدلكة أو بالمشي على طاهر . وتطهر الأشياء الصقيلة كالزجاج والسكاكين والبلاط وغيرها بالمسح . وإذا ولغ الكلب في إناء يغسل سبعا إحداهن بالتراب .


التيمم

1 - تعريفه في اللغة والاصطلاح الشرعي :
أ- تعريفه لغة : التيمم لغة القصد والتوخي والتعمد .
ب- وفي الاصطلاح : مسح الوجه واليدين بتراب طهور على وجه مخصوص .
وهو من الخصائص التي اختص اللّه بها هذه الأمة وهو بدل طهارة الماء .

2 - من يشرع له التيمم :

أ- عادم الماء لفقده أو لبعده .
ب- إذا كان به جراحة أو مرض وخاف أن يضره الماء .
ي- إذا كان الماء شديد البرودة ولم يتمكن من تسخينه .
د- إذا احتاج إلى الماء لشربه أو شرب غيره وخاف العطش .

3 - شروط وجوب التيمم :
أ- البلوغ .
ب- القدرة على استعمال الصعيد .
جـ- وجود الحدث الناقض .

4 - شروط صحة التيمم :
أ- الإسلام .
ب- انقطاع دم الحيض أو النفاس .
جـ- العقل .
د- وجود الصعيد الطهور .

5 - فروض التيمم :
أ- النية .
ب- الصعيد الطاهر .
جـ- الضربة الأولى .
د- مسح الوجه والكفين .

6 - سنن التيمم :

أ- التسمية .
ب- استقبال القبلة .
جـ- كونه عند إرادة الصلاة .
د- الضربة الثانية .
هـ- الترتيب .
و- الموالاة .
ز- تخليل الأصابع .

7- مبطلات التيمم :

أ- وجود الماء .
ب- يبطل بناقض من نواقض الوضوء السابقة وكذا بناقض من نواقض الغسل ؛ لأنه بدل عنهما وناقض الأصل ناقض لخلفه .

8- كيفية التيمم :
أن ينوي ، ثم يسمي ، ويضرب التراب بيديه ثم يمسح بهما وجهه وكفيه مع الترتيب والموالاة .

9- التيمم للجبيرة والجراح :

من كان بجسده كسور أو جروح أو قروح وخاف ضررا بغسلها وشق عليه المسح تيمم لها وغسل الباقي .
من عدم الماء والتراب بكل حال صلى حسب حاله ولا إعادة عليه .




المسح على الخفين والجبائر

1 - قال ابن المبارك : ليس في المسح على الخفين اختلاف . وقال الإمام أحمد : ليس في قلبي من المسح على الخفين شيء فيه أربعون حديثا عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، وقال : هو أفضل من الغسل ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه إنما طلبوا الأفضل .
2 - مدته : يجوز يوما وليلة للمقيم، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن . وتبدأ مدة المسح من أول حدث بعد لبسه .
3 - شروطه : أن يكون الملبوس مباحا . طاهرا . ساترا للمفروض . ثابتا بنفسه . ملبوسا على طهارة .
4- صفة المسح على الخفين : يدخل يده في الماء ويمسح ظاهر قدم الخف من أصابعه إلى ساقه مرة واحدة دون أسفله وعقبه .
5- مبطلاته : يبطل المسح على الخفين بأحد أربعة أشياء :
1- إذا نزع الملبوس من القدم .
2- إذا لزم كغسل الجنابة .
3- إذا حدث خرق واسع عرفا في الملبوس .
4- إذا تمت مدة المسح .
ويجوز المسح على جميع الجبيرة إلى حلها، ولو طال الزمن أو أصابته الجنابة .
الصلاة



أحكام تتعلق بالصلاة .

صلاة الجماعة .
قصر الصلاة .
الجمع بين الصلاتين .
سجود السهود .
صلاة التطوع .
صلاة الجمعة .
صلاة العيدين .
صلاة الاستسقاء .
صلاة الكسوف .
الجنائز وأحكامها .


الركن الثاني من أركان الإسلام
الصلاة

1 - تعريفها لغة وشرعا .
الصلاة في اللغة : الدعاء ، قال تعالى : { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ } [التوبة : 103] . أي : ادع لهم ، وفي الشرع : أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم بشروط خاصة .

2 - فرضيتها :
فرضت الصلاة ليلة الإسراء قبل الهجرة ، وهي أحد أركان الإسلام بعد الشهادتين لتضمنها لهما ، وهي أول ما اشترطه صلى الله عليه وسلم بعد التوحيد ، قال صلى الله عليه وسلم : « رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سَنَامه الجهاد في سبيل اللّه » .

3 - حكمة مشروعيتها :
الصلاة شكر للنعم العظيمة التي امتنَّ اللّه بها على عباده . كما أنها من أبرز معاني العبودية ؛ حيث يظهر فيها التوجه إلى اللّه سبحانه وتعالى والتذلل والخضوع بين يديه ومناجاته تعالى بالقراءة والذكر والدعاء ، كما أن فيها الصلة التي تربط العبد بربه وتسمو به فوق عالم الماديات إلى صفاء النفس وطمأنينتها ، فكلما انغمس في خضم الحياة وتجاذبته مغرياتها انتشلته الصلاة قبل أن يغرق ووضعته أمام الحقيقة التي غفل عنها ، وهي أن هناك ما هو أكبر ، وأن الحياة لا يمكن أن تخلق على هذا الإحكام وتسخر للإنسان لكي يعيش على هامشها ، لاهيا ينتقل من متعة إلى أخرى .

4 - حكم الصلاة وعددها :
الصلاة نوعان : فرض وتطوع ، أما الفرض فينقسم قسمين : فرض عين وفرض كفاية ، ففرض العين : واجب على كل مسلم مكلف ذكر أو أنثى وهي الصلوات الخمس . قال تعالى : { إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } .
وقال تعالى : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } [البينة : 5] .
وقال صلى الله عليه وسلم : « بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة » الحديث [متفق عليه] . قال نافع بن الأزرق لابن عباس : هل تجد الصلوات الخمس في القرآن ؟ قال : نعم، ثم قرأ : { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ }{ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ } [الروم : 17، 18] .
وحديث « الأعرابي الذي جاء إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال : ماذا فرض اللّه عليَّ من الصلاة ؟ قال : "خمس صلوات " قال : فهل علي غيرها ؟ قال : "لا إلا أن تطوع » متفق عليه .

5 - أمر الصغير بالصلاة :
ويؤمر بها الصغير إذا بلغ سبع سنين ، ويضرب عليها ضربا غير مبرح لعشر سنين ، لحديث : « مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر سنين ، وفرقوا بينهم في المضاجع » [رواه أبو داود والترمذي ] .

6 - حكم من جحد وجوب الصلاة :
ومن جحد وجوبها كَفَرَ ، إذا كان ممن لا يجهل حتى وإن فعلها ؛ لأنه مكذّب للّه ولرسوله وإجماع الأمة ، وكذلك من تركها متهاونا أو كسلا ولو مع إقراره بوجوبها ، لقوله تعالى : { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } إلى قوله : { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ } . وعن جابر - رضي اللّه عنه- قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة » [رواه مسلم ] .

7 - أركان الصلاة :
وأركانها أربعة عشر لا تسقط عمدا ولا سهوا ولا جهلا .
أحدها : القيام في الفرض على القادر منتصبا .
الثاني : تكبيرة الإحرام، وهي : اللّه أكبر ، لا يجزئه غيرها .
الثالث : قراءة الفاتحة .
الرابع : الركوع .
الخامس : الرفع من الركوع والاعتدال قائما .
السادس : السجود .
السابع : الرفع من السجود .
الثامن : الجلوس بين السجدتين .
التاسع : الطمأنينة وهي السكون .
العاشر : التشهد الأخير .
الحادي عشر : الجلوس للتشهد الأخير .
الثاني عشر : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
الثالث عشر : التسليم : وهو أن يقول مرتين : "السلام عليكم ورحمة اللّه " ، والأوْلى أن لا يزيد "وبركاته " لحديث ابن مسعود أن « النبي صلى الله عليه وسلم "كان يسلم عن يمينه : السلام عليكم ورحمة اللّه ، وعن يساره السلام عليكم ورحمة اللّه » [رواه مسلم ] .
الرابع عشر : الترتيب بين الأركان .

8 - واجبات الصلاة :
وواجباتها ثمانية تبطل الصلاة بتركها عمدا وتسقط سهوا وجهلا .
الأول : التكبير لغير الإحرام .
الثاني : قول سمع اللّه لمن حمده ، للإمام والمنفرد .
الثالث : قول ربنا ولك الحمد .
الرابع : قول : سبحان ربي العظيم مرة في الركوع .
الخامس : قول سبحان ربي الأعلى مرة في السجود .
السادس : قول رب اغفر لي بين السجدتين .
السابع : التشهد ا لأول .
الثامن : الجلوس له .

9 - شروط الصلاة :
الشرط في اللغة : العلامة .
وفي الاصطلاح : ما لا يوجد المشروط مع عدمه ، ولا يلزم أن يوجد عند وجوده .
وشروط الصلاة : النيّة ، والإسلام ، والعقل ، والتمييز ، ودخول الوقت ، والطهارة ، واستقبال القبلة ، وستر العورة ، واجتناب النجاسة .

10 - أوقات الصلوات الخمس :
وهي مأخوذة من التوقيت وهو التحديد ، والوقت في الصلاة سبب لوجوبها ، وشرط من شروط صحتها .
وقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم أوقات الصلوات الخمس في أكثر من حديث ، فعن ابن عباس - رضي اللّه عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أمّني جبريل عند البيت مرتين » فذكر مواقيت الصلوات الخمس ، ثم قال عليه الصلاة والسلام : « ثم التفت إليَّ جبريل فقال : يا محمد ، هذا وقت الأنبياء من قبلك ، والوقت فيما بين هذين » [رواه أبو داود ] .
وقد جاءت أوقات الصلوات الخمس مقسمة بين اليوم والليلة ، فإذا أخذ الإنسان قدرا من النوم تتحقق به راحته وقرب الصباح وقت الجد والعمل حان وقت صلاة الفجر كي يشعر الإنسان بتميّزه عن بقية المخلوقات ، ويستقبل يومه وقد تزود بالإيمان .
وعندما ينتصف النهار يقف وقفة آخر ى للتأمل مع ربه في صلاة الظهر وتصحيح ما عمله في أول يومه ، ثم يأتي العصر فيصلي صلاته مستقبلا بها بقية يومه ، ثم المغرب في إقبالة الليل والعشاء في ثناياه يحملان له في ليله الذي هو موضع الخفايا : النور والهداية إلى الطريق الصحيح ، كما أن الصلاة في أوقاتها المختلفة فرصة للتفكير في ملكوت اللّه سبحانه ، وإحكامها لجميع ما يحيط بالإنسان في ليله ونهاره .

وقت صلاة الظهر :
أول وقت الظهر يبدأ عند الزوال ، وهو ميل الشمس عن كبد السماء (1) وآخر وقتها إذا صار ظل كل شيء مثله سوى فيء الزوال (2)
وقت صلاة العصر :
أول وقت صلاة العصر إذا صار ظل كل شيء مثله سوى فيء الزوال ، وذلك لما تقدم من أن آخر وقت الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثله ، أما آخر وقت العصر فهو آخر الوقت المختار إذا صار ظل الشيء مثليه بعد فيء الزوال ، والضرورة غروب الشمس .
وقت صلاة المغرب :
أول وقت صلاة المغرب هو غروب الشمس وآخر وقت المغرب اشتباك النجوم ، وآخر وقت الجواز مع الكراهة مغيب الشفق .
وقت صلاة العشاء :
أول وقت صلاة العشاء مغيب الشفق . أما آخر وقت العشاء فهو منتصف الليل .
وقت صلاة الفجر :
(1) ويعرف ذلك بطول ظل الشخص بعد تناهي قصره .
(2) وضابطه أن يعرف الإنسان ما زالت عليه الشمس ثم ينظر الزيادة عليه ، فإذا بلغت قدر الشخص فقد انتهى وقت الظهر .
أول وقته هو طلوع الفجر الثاني وآخره طلوع الشمس .

11 - توقيت الصلاة في البلدان ذات خطوط العرض العالية :
تنقسم البلدان ذات الدرجات العالية إلى ثلاثة أقسام :
1 - البلدان التي تقع بين خطي العرض (45) و (48) شمالا وجنوبا وهذه البلدان تظهر فيها العلامات الكونية للأوقات في اليوم والليلة طالت الأوقات أو قصرت .
2 - البلدان التي تقع بين خطي العرض (48) و (66) شمالا وجنوبا ، وهذه البلدان تنعدم فيها بعض العلامات الكونية للأوقات في عدد من أيام السنة ، كأن لا يغيب الشفق حتى يتداخل مع وقت الفجر تقريبا .
3 - البلدان التي تقع فوق خط عرض (66) شمالا وجنوبا إلى القطبين وتنعدم فيها العلامات الكونية للأوقات في فترة طويلة من السنة نهارا أو ليلا .
حكم كل قسم من هذه الأقسام :
بالنسبة للقسم الأول يجب على من يسكن تلك المناطق أداء الصلاة في أوقاتها التي سبق بيانها ، أما بالنسبة للقسم الثالث فلا خلاف في أن أوقات الصلاة في هذه البلدان تقدر تقديرا ، وذلك قياسا على التقدير الوارد في حديث الدجَّال الذي جاء فيه : « قلنا : يا رسول اللّه ، وما لبثه في الأرض ؟ أي الدجال . قال : "يوم كسنة" ، قلنا : يا رسول اللّه ، هذا اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة ؟ قال : "لا . اقدروا له قدره » [صحيح مسلم ] .
وقد اختلف في كيفية التقدير ، فقيل : إنه يقدر بأقرب البلدان إليهم التي يتمايز فيها الليل من النهار وتعرف فيها أوقات الصلاة بعلاماتها الشرعية .
ولعل هذا هو الراجح ، وقيل : إنه يقدر بالزمن المعتدل ، فيقدر النهار باثنتي عشرة ساعة ، وكذا الليل ، وقيل : إنه يقدر بتوقيت مكة أو المدينة . أما بالنسبة للقسم الثاني : فإن توقيت ما عدا العشاء والفجر في هذا القسم كالتوقيت في القسم الأول ، أما توقيت العشاء والفجر في هذا القسم فهو كالتوقيت في القسم الثالث .



صلاة الجماعة

أ- حكمة مشروعيتها :
صلاة الجماعة من أجلّ الطاعات وأعظم العبادات ومن أبرز مظاهر الألفة والتراحم والمساواة بين المسلمين ، حيث يجتمعون في مؤتمر مصغَّر خمس مرات في اليوم والليلة على معنى نبيل وتحت قيادة واحدة وفي اتجاه واحد ، فتجتمع القلوب وتصفو ويسود التراحم والتواصل وتذوب الفوارق .

ب- حكم صلاة الجماعة :
صلاة الجماعة : واجبة على الرجال الأحرار القادرين حضرا وسفرا . لقوله تعالى : { وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ } [النساء : 102] والأمر للوجوب . وإذا كان ذلك مع الخوف فمع الأمن أولى .

جـ- ما تنعقد به صلاة الجماعة :
تنعقد صلاة الجماعة بإمام ومأموم ولو أنثى لحديث أبي موسى مرفوعا : « الاثنان فما فوقهما جماعة » [رواه ابن ماجه ] .

د- مكان أداء صلاة الجماعة :
وتسُن الجماعة في المسجد ، وتجوز في غيره إذا دعت الحاجة لذلك .
وللنساء منفردات عن الرجال ، لفعل عائشة وأم سلمة (ذكره الدارقطني ) « وأمر صلى الله عليه وسلم أم ورقة أن تؤم أهل دارها » [رواه أبو داود ] .



قصر الصلاة

أ- معنى قصر الصلاة :
قصر الصلاة بالسفر : هو رد الرباعية إلى ركعتين وهو من المعاني العظيمة التي اشتملت عليها الشريعة الإسلامية لما فيه من مراعاة حال المسلم . وتحقيق اليسر له . والقصر مشروع في الكتاب والسنة وجائز باتفاق الأئمة .

ب- القصر عام في الأمن وغيره :
وتقصر الصلاة في السفر سواء كانت الحالة حالة أمن أو خوف ، والخوف الذي ورد في الآية خرج من الآية مخرج الغالب ؛ لأن الغالب من أسفاره صلى الله عليه وسلم أنها كانت لا تخلو من الخوف . قال علي لعمر - رضي اللّه تعالى عنهما- : تقصر وقد أمنا ، فقال له عمر : عجبتُ مما عجبت منه ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « صدقة تصدق اللّه بها عليكم فاقبلوا صدقته » [رواه مسلم ] .

ج- المسافة التي تقصر فيها الصلاة في السفر :
وأما المسافة التي تقصر فيها الصلاة فهو كل ما يسمى سفرا عرفا وينقل له الزاد والمزاد .

د- بدء قصر الصلاة :
ويبدأ المسافر القصر إذا فارق عامر قريته بما يطلق عليه اسم المفارقة عرفا ؛ لأن اللّه سبحانه وتعالى علق قصر الصلاة على الضرب في الأرض ، ولا يكون ضاربا في الأرض حتى يفارق عامر بلده .



الجمع بين الصلاتين

الجمع رخصة عارضة عند الحاجة إليه ، وقد استحب كثير من العلماء ترك الجمع إلا عند الحاجة الظاهرة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع إلا في مرات قليلة وكل من جاز له قصر الصلاة جاز له الجمع بين الصلاتين وليس كل من جمع يباح له القصر .

جمع التقديم والتأخير :
الأفضل أن يفعل الإنسان الأرفق به من جمع تقديم وتأخير ؛ لأن المقصود بالجمع هو التيسير والتخفيف . أما إذا استوى الجمعان فالأفضل هو جمع التأخير وإذا كان نازلا فالسنة أن يصلي كل صلاة في وقتها .



سجود السهو

السهو في الصلاة النسيان فيها ، وسجود السهو مشروع باتفاق الأئمة لمن يسهو في صلاته لفعل النبي صلى الله عليه وسلم له وأمره به . ويشرع سجود السهو لزيادة أو نقصان أو شك ومحله قبل السلام أو بعده، وهو سجدتان من غير تشهد يكبر عند كل سجدة ويسلم بعدهما .



صلاة التطوع

أ- حكمة مشروعية صلاة التطوع :
من نعم اللّه على عباده أن هيَّأ لهم من العبادات ما يتلاءم مع طبيعتهم البشرية ويحقق ما أراده من أداء الأعمال على الوجه الصحيح ، وحيث إن الإنسان عرضة للخطأ والتقصير شرع سبحانه ما يكمل ذلك ويكون عوضا عنه ، ومن ذلك صلاة التطوع ، فقد ثبت عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن صلاة التطوع تكمل صلاة الفرض ، إن لم يكن المصلي أتمها .

ب- أفضل ما يتطوع به :
وأفضل ما يتطوع به الجهاد في سبيل اللّه ، ثم تعلم العلم الشرعي وتعليمه ، قال تعالى : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } [المجادلة : 11] .
ثم الصلاة وهي أفضل عبادات البدن لقوله صلى الله عليه وسلم : « استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة » [رواه ابن ماجه ] .

ومن التطوع :
 
أ- صلاة الليل :
وصلاة الليل أفضل من صلاة النهار والنصف الأخير من الليل أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم : « ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا إذا مضى شطر الليل » . . . " الحديث [رواه مسلم ] .
والتهجد ما كان بعد النوم ، قالت عائشة - رضي اللّه عنها- : "الناشئة القيام بعد النوم " .

ب- صلاة الضحى :
تسن صلاة الضحى في بعض الأيام دون بعض لحديث أبي سعيد : « كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى نقول لا يدعها ، ويدعها حتى نقول لا يصليها » [رواه أحمد والترمذي ، وقال : حسن غريب، .
وأقلها ركعتان وصلاها صلى الله عليه وسلم أربعا وصلاها ستا وأكثرها ثمان ، ولا تشترط المداومة عليها .

ج- تحية المسجد :
وتسن تحية المسجد ، لحديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين » [رواه الجماعة] .

د- سجود التلاوة :
ويسن سجود التلاوة للقارئ والمستمع ويكبر عند السجود ويسلم إذا رفع ويقول في سجوده : سبحان ربي الأعلى أو ما ورد .

هـ- سجود الشكر :
ويسن سجود الشكر عند تجدد النعم واندفاع النقم لحديث أبي بكرة : « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يُسَرُّ به خر ساجدا » [رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ] . "وسجد علي حين وجد ذا الثدية في الخوارج " [رواه أحمد ]، "وسجد كعب بن مالك لما بشر بتوبة اللّه عليه " وقصته متفق عليها . وصفته وأحكامه كسجود التلاوة .

و- صلاة التراويح :
التراويح سنة مؤكدة سنَّها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وتصلى في جماعة في المسجد بعد صلاة العشاء في رمضان . وقد سنها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأحياها عمر بن الخطاب زمن خلافته والأفضل أن تصلى إحدى عشرة ركعة ولا بأس بالزيادة على ذلك ، ويزاد في الاجتهاد في العشر الأخير من قيام وذكر ودعاء .

ز- الوتر :
الوتر سنة مؤكدة فعله رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأمر به ، وأقله ركعة وأدنى الكمال ثلاث وأكثره إحدى عشرة ركعة .
ووقته :
ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر ويقنت فيه بعد الركوع ندبا .
صفاته :
1 - أن يصليه سردا فلا يجلس للتشهد إلا في آخر ركعة .
2 - أن يجلس فيتشهد للركعة الأخيرة ثم يقوم من غير سلام ثم يأتي بركعة ويتشهد ويسلم .
3 - أن يسلم من كل ركعتين ثم يختم بركعة واحدة ويتشهد ويسلم وهذه أفضل الصفات ؛ لأنها هي التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وداوم عليها .

ح- السنن الرواتب :
وأفضل الرواتب سنة الفجر لحديث عائشة مرفوعا : « ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها » [رواه مسلم والترمذي وصححه] .
والرواتب المؤكدة اثنتا عشرة ركعة : أربع قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتا الفجر .
ويسن قضاء الرواتب إذا فاتت ، وقضاء الوتر مشفوعا إلا ما فات مع فرضه وكثر فالأولى تركه لحصول المشقة به إلا سنة الفجر فيقضيها مطلقا لتأكيدها . وفعل الكل ببيت أفضل عكس المكتوبة وما تشرع له الجماعة .



صلاة الجمعة

أ- فضل يوم الجمعة :
يوم الجمعة من أفضل الأيام وأجلها ، خص اللّه به هذه الأمة وشرع اجتماعهم فيه ، ومن حكمة ذلك أن يسود بين المسلمين التعارف والتآلف والتراحم والتعاون ، ويوم الجمعة عيد الأسبوع وهو خير يوم طلعت عليه الشمس .

ب- حكم صلاة الجمعة :
صلاة الجمعة واجبة ؛ لقوله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ } [سورة الجمعة آية : 9] .
وهي ركعتان .
ويسن الاغتسال لها والتبكير إليها .

ج- من تجب عليه صلاة الجمعة :
 
كل ذكر مسلم مكلف حر لا عذر له .

د- وقت صلاة الجمعة :
تصح قبل الزوال ، وبعده أفضل ؛ لأنه الوقت الذي كان صلى الله عليه وسلم يصليها فيه غالبا .

هـ- ما تنعقد به صلاة الجمعة :
تنعقد بما يسمى جمعا كثيرا عرفا .

و- شروط صحة الجمعة :
من شروط صحتها خمسة أشياء :
1 - الوقت .
2- النية .
3- وقوعها حضرا .
4- حضور العدد المعتبر كثيرا عرفا .
5- أن يتقدمها خطبتان تشتملان على حمد اللّه والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم ، وقراءة آية من كتاب اللّه عز وجل ، والوصية بتقوى اللّه ، والجهر بحيث يسمع العدد المعتبر . ويحرم الكلام والإمام يخطب ، وتخطي رقاب الناس ، وهي تكفي لمن صلاها عن الظهر ، ومن أدرك مع الإمام ركعة فقد أدرك الجمعة . وإن أدرك أقل فينويها ظهرا ويصلي أربع ركعات .



صلاة العيدين

حكمة مشروعيتها :
صلاة العيد من أعلام الدين الظاهرة ومن خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، يتحقق بها شكر المولى على أداء صوم رمضان وحج بيت اللّه الحرام ، كما أن في العيد دعوة إلى التعاطف والتراحم بين المسلمين واجتماع الشمل وصفاء النفوس .

حكمها :
صلاة العيد فرض كفاية ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده يداومون عليها ، وهي سنة مؤكدة في حق كل مسلم ومسلمة وتشرع في الحضر دون السفر .

شروطها :
شروطها كالجمعة ، ما عدا الخطبتين فإنهما في العيد سنة ويكونان بعد الصلاة .

وقتها :
من ارتفاع الشمس صباحا قدر رمح إلى الزوال فإن لم يُعلم بالعيد إلا بعد الزوال صلوا من الغد قضاء في وقتها .

كيفية صلاة العيد :
وصلاة العيد ركعتان ؟ لقول عمر : « صلاة الفطر والأضحى ركعتان ، ركعتان، تمام غير قصر على لسان نبيكم ، وقد خاب من افترى » [رواه أحمد ] . ويصليها قبل الخطبة .
يكبر في الأولى بعد تكبيرة الإحرام ، وقبل التعوذ ستًّا، وفي الثانية قبل القراءة خمسا .

مكان أدائها :
في الصحراء ويجوز أدائها في المساجد إذا دعت الحاجة .

سنن صلاة العيدين :
يسن التكبير المطلق أي الذي لم يقيد بأدبار الصلوات . والجهر به في ليلتي العيدين، لقوله تعالى : { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ } [سورة البقرة آية : 185] .
وقال الإمام أحمد : "كان ابن عمر يكبر في العيدين جميعا" .
وفي عشر ذي الحجة، قال تعالى : { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } [سورة الحج آية : 28] .
أما التكبير المقيد وهو الذي يكون بعد الصلوات ويختص بعيد الأضحى فيبدأ بالنسبة للمُحِل من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق .
ويسن أن يبكر المأموم للصلاة أما الإمام فيتأخر إلى وقت الصلاة ، ويسن أن يتنظف الذاهب لها ويلبس أحسن ثيابه والنساء لا يتبرجن بزينة .
سنن العيد :
ويسن تقديم صلاة الأضحى وتأخير صلاة عيد الفطر .
ويُسن الأكل قبل الخروج لصلاة الفطر تمرا وترا والإمساك عن الأكل في الأضحى ليأكل من أضحيته .



صلاة الاستسقاء

أ- حكمة مشروعيتها :
خلق اللّه الإنسان وفطره على التوجه إليه والالتجاء إليه عندما تنزل به حاجة أو يحيط به خطب ، والاستسقاء مظهر من مظاهر تلك الفطرة يتوجه فيه المسلم إلى ربه طالبا السقي عندما تنزل به حاجة .

ب- معناها :
هي طلب السقي من اللّه- عز وجل- للبلاد والعباد بالصلاة والدعاء والاستغفار .

ج- حكمها :
صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة . فعلها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأعلنها في الناس وخرج لها إلى المصلَّى .

د- وقتها وصفتها وأحكامها :
كصلاة العيد .
هـ- ويستحب أن يعلن عنها الإمام قبل موعدها بأيام :
وأن يدعو الناس إلى التوبة من المعاصي والخروج من المظالم والصيام والصدقة وترك التشاحن ؛ لأن المعاصي سبب للجدب ، كما أن الطاعات سبب للخيرات والبركات .



صلاة الكسوف

أ- تعريف الكسوف وحكمة مشروعية صلاة الكسوف :
الكسوف هو ذهاب ضوء الشمس أو القمر . وهو آية من آيات اللّه تعالى يدعو الإنسان إلى الاستعداد ومراقبة اللّه تعالى والالتجاء إليه عند اختلاف الأحوال ، والتفكير في عظيم إحكامه لهذا الكون . وأنه وحده الذي يستحق العبادة . فإذا كسفت الشمس وخسف القمر سُنت صلاةُ الكسوف جماعة { وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } [سورة فصلت آية : 37].

ب- وقتها :
من وقت ابتداء الكسوف إلى ذهابه ، ولا تقضى إن فاتت ولم ينقل الأمر بها بعد التجلي لفوات محلها .

ب- صفتها :
ركعتان يقرأ في الأولى جهرا الفاتحة ، وسورة طويلة ، ثم يركع طويلا ، ثم يرفع فَيُسَمِّعُ ويحمّد ، ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة ، ثم يركع ، ثم يرفع ، ثم يسجد سجدتين طويلتين ، ثم يصلي الثانية كالأولى وهي أقل منها في جميع أحوالها ، ولها صفات أخرى وهذه هي أثبتها وأتمها ، وإن أتى بثلاثة ركوعات أو أربعة أو خمسة فلا بأس إذا دعت الحاجة لذلك .



الجنائز

الجنائز
أ- الإنسان مهما طال أجله فلا بد أن يموت :
وينتقل من دار العمل إلى دار الجزاء ، ومن حق المسلم على المسلم أن يعوده إذا مرض ، ويتبع جنازته إذا مات .
- تسن عيادة المريض وتذكيره بالتوبة والوصية .
- يسن أن يوجه من حضَرتهْ الوفاة إلى القبلة ، بأن يجعل على جنبه الأيمن ووجهه نحوها إن لم يشق ذلك ، وإلا وضع على ظهره ورجلاه إلى القبلة ويرفع رأسه قليلا ليكون وجهه لها ، ثم يلقن الشهادة "لا إله إلا اللّه " ويبل حلقه بماء أو شراب ، ويقرأ عنده سورة (يس) .
- إذا مات المسلم سن تغميض عينيه ، وشد لحييه بعصابة ، وتليين مفاصله برفق ، ورفعه من الأرض ، وخلع ثيابه ، وستر عورته ، ووضعه على سرير غسله متوجها إلى القبلة على جنبه الأيمن إن تيسر وإلا على ظهره مستلقيا ورجلاه إلى القبلة .

ب- غسل الميت :
- أولى الناس بغسل الميت وصيه ، ثم أبوه ثم جده ، ثم الأقرب ، والأنثى وصيتها ثم أمها ثم جدتها ، ثم القربى من نسائها ، ولكل من الزوجين المسلمين غسل صاحبه .
ويشترط في الغاسل أن يكون عاقلا مميزا ثقة عارفا بأحكام الغسل .
- يحرم أن يُغسل مسلم كافرا أو يدفنه بل يواريه بالتراب إذا عدم من يواريه .

ج - صفة الغسل المسنون للميت :
إذا أخذ في غسل الميت سَتَرَ عورته ، ثم يرفع رأسه إلى قرب جلوسه ويعصر بطنه برفق ، ويكثر صب الماء ، ثم يلف على يده خرقة فينجيه ، ثم يوضئه ندبا بعد أن يضع على يده خرقة أخرى ، ثم ينوي غسله ويسمي فيغسله بالماء والسدر أو الصابون ، يبدأ برأسه ولحيته ، ثم شقه الأيمن ثم الأيسر ، ثم يغسله مرة ثانية وثالثة مثل الغسل الأول ، فإن لمَ ينق زاد حتى ينقى ، ويجعل في الغسلة الأخيرة مع الماء كافورا أو طيبا ، وإن كان شاربه أو أظافره طويلا أخذ منها ثم ينشف بثوب ، والمرأة يجعل شعرها ثلاثة قرون ويسدل من ورائها .

د- تكفين الميت :
- يسن أن يكفن الرجل في ثلاث لفائف بيض تبخَّرُ ثم تبسط بعضها فوق بعض، ويجعل الحنوط- وهو أخلاط من الطيب- فيما بين اللفائف ثم يوضع الميت على اللفائف مستلقيا ، ويجعل قطنا بين إليتيه ، ويشد فوقه خرقة على هيئة سروال صغير يستر عورته ، ويطيب ذلك مع سائر بدنه ، ثم يرد طرف اللفافة العليا من الجانب الأيسر على شقه الأيمن ، ثم يرد طرفها الأيمن على الأيسر ثم الثانية كذلك ، ثم الثالثة كذلك ، ويجعل الفاضل عند رأسه ثم يعقدها عرضا وتحل في القبر . ويكفن الصبي في ثوب واحد ويباح في ثلاثة .
والمرأة تؤزر بالمئزر ثم تلبس القميص ثم تخمر بالخمار، والقميص ، ولفافتين ثم تلبس القميص ثم تخمر بالخمار ، ثم تلف باللفافتين ، والبنت الصغيرة في قميص ولفافتين .
- يجزئ غسل الميت ذكرا كان أو أنثى مرة واحدة يعم جميع بدنه ، ويجزئ تكفينه بثوب واحد يستر جميع بدنه من ذكر أو أنثى .
- السقط إذا بلغ أربعة أشهر ثم مات سُمّي وغُسل وصلى عليه .

هـ- صفة الصلاة على الميت :
- السنة أن يقوم الإمام عند صدر الرجل الميت ، وعند وسط المرأة ويكبر أربعا رافعا يديه مع كل تكبيرة ، يكبر التكبيرة الأولى ويتعوذ ويسمي ويقرأ الفاتحة سرًّا ولا يستفتح ، ثم يكبر الثانية ويقول : « اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد » .
- ثم يكبر الثالثة ويدعو قائلا : « اللهم اغفر لحيّنا وميّتنا، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأنثانا ، إنك تعلم منقلبنا ومثوانا ، وأنت على كل شيء قدير ، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام والسنة ، ومن توفيته منا فتوفه عليهما ، اللهم اغفر له وارحمه ، وعافه واعف عنه ، وأكرم نزله وأوسع مدخله ، واغسله بالماء والثلج والبَرَد ، ونقّه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله دارا خيرا من داره، وزوجا خيرا من زوجه ، وأدخله الجنة ، وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار ، وأفسح له في قبره ونوّر له فيه » .
- وإن كان الميت صغيرا قال بعد قوله : من توفيته منا فتوفه عليهما : « اللهم اجعله ذخرا لوالديه ، وفرطا وشفيعا مجابا ، اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما وألحقه بصالح سلف المؤمنين ، واجعله في كفالة إبراهيم، وقه برحمتك عذاب الجحيم » .
- ثم يكبر الرابعة ويقف قليلا ثم يسلم واحدة عن يمينه .

و- فضل الصلاة على الجنازة :
للمصلي على الجنازة قيراط من الأجر ، والقيراط قدر جبل أحُد فإن تبعها حتى تدفن ، فله قيراطان .
- يسن أن يحمل الميت أربعة رجال ، ويسن للرجل الواحد أن يحمل بجوانب السرير الأربع ، ويسن الإسراع بالجنازة ، وأن يكون المشاة أمامها ، والركبان خلفها .

ز- صفة القبر والدفن وما يمنع في القبور :
يجب أن يعمق القبر ، فإذا بلغ أسفل القبر حفر فيه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت يسمى "اللحد" وهو أفضل من الشق ويقول مُدخله "بسم اللّه وعلى ملة رسول الله " ويضعه في لحده على شقه الأيمن ، مستقبل القبلة ، ثم ينصب اللبن عليه نصبا ، ثم يدفن ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر ويرش بالماء .
- يحرم البناء على القبر . وتجصيصه ، والوطء عليه ، والصلاة عنده ، واتخاذ المسجد عليه ، والتبرك والتمسح به ، ووضع السراج عليه ، ونثر الورود والطواف به .
- يسن أن يُصنع لأهل الميت طعامٌ ويبعث به إليهم ، ويكره لأهل الميت صنع طعام للناس .
- يسن لمن زار القبور أن يقول : « السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء اللّه بكم لاحقون ، يرحم اللّه المستقدمين منكم والمستأخرين ، نسأل اللّه لنا ولكم العافية ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ، ولا تفتنا بعدهم ، واغفر لنا ولهم » .
- وتسن تعزية المصاب بالميت قبل الدفن وبعده ، إلى ثلاثة أيام بلياليهن إلا لغائب .
- يسن لمن أصيب بمصيبة أن يقول : « إنا للّه وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي ، واخلف لي خيرا منها » .
- يجوز البكاء على الميت ، ويحرم شق الثوب ، ولطم الخد ، ورفع الصوت ونحوه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بث مباشر للمسجد الحرام بمكة المكرمة