الخميس، 10 نوفمبر 2011

رسالة في الفقه الميسر للدكتور : صالح بن غانم السدلان الجزء الثاني والأخير

الكتاب : رسالة في الفقه الميسر

المؤلف : صالح بن غانم السدلان

الطبعة : الأولى

الناشر : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية

تاريخ النشر : 1425هـ

عدد الصفحات :134

لقراءة الجزء الأول من الكتاب اضغط هنا 


3 - الزكاة:

أحكام الزكاة .

زكاة الفطر
الركن الثالث من أركان الإسلام

الزكاة:
أ- حكمة مشروعية الزكاة :
من الحكمة في مشروعية الزكاة ما يلي :
أ- تطهير النفس البشرية من رذيلة البخل ، والشره والطمع .
2 - مواساة الفقراء ، وسد حاجات المعوزين والبؤساء والمحرومين .
3 - إقامة المصالح العامة ، التي تتوقف عليها حياة الأمة وسعادتها .
التحديد من تضخم الأموال عند الأغنياء ، وبأيدي التجار والمحترفين كيلا تحصر الأموال في طائفة محدودة ، أو تكون دولة بين الأغنياء .
ب- تعريف الزكاة :
هي القدر الواجب إخراجه لمستحقيه في المال الذي بلغ نصابا معينا بشروط مخصوصة .
وهي طهرة للعبد وتزكية لنفسه ، قال تعالى : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [سورة التوبة : 103] .
ج- مكانة الزكاة في الإسلام :
هي أحد أركان الإسلام الخمسة ، وقرنت بالصلاة في مواضع كثيرة في كتاب اللّه .
د- حكم الزكاة :
الزكاة "فريضة اللّه على كل مسلم ، ملك نصابا من مال بشروطه " فرضها اللّه في كتابه وأخذها النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بأخذها ممن تجب عليه ، سواء كان كبيرا أو صغيرا ، ذكرا أو أنثى صحيحا أو معتوها أو مجنونا ، قال تعالى : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [التوبة : 103] .
وقوله : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ } [سورة البقرة آية : 267] .
{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ } [المزمل : 20] .
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان » [متفق عليه ] .
الأموال التي تجب فيها الزكاة :
الأموال التي تجب فيها الزكاة أربعة :
الأثمان ، وبهيمة الأنعام ، والخارج من الأرض، وعروض التجارة .
1 - الأثمان وهي : الذهب والفضة والأوراق المالية :
فتجب الزكاة في الذهب إذا بلغ عشرين مثقالا : ربع العشر .
وتجب الزكاة في الفضة إذا بلغ مائتي درهم ربع العشر أيضا .
الأوراق المالية الحالية تقوّم على أساس القيمة ، فإذا بلغت نصاب أحد النقدين وجبت فيها الزكاة ومقدارها ربع العشر إذا حال عليها الحول .
2 - زكاة بهيمة الأنعام :
تجب الزكاة في الإبل والبقر والغنم إذا كانت ترعى الحول أو أكثره في الصحاري والقفار المباحة ؛ فإذا بلغت النصاب وحال عليها الحول تخرج زكاتها إذا كانت للدر والنسل كما يأتي :
أ- أنصبة الغنم :

من إلى القدر المخرج

40 120 شاه .

121 200 شاتان .

201
ثلاث شياه .

ثم في كل 100 شاة .
ج- أنصبة البقر :

من إلى القدر المخرج

30 39 تبيع أو تبيعه من البقر لها سنة .

40 59 مسنة من البقر لها سنتان .

60
تبعتان ثم في كل 30 تبيع وفي كل 40 مسنة
ج- أنصبة الإبل :

من إلى القدر المخرج

5 9 شاه

10 14 شاتان

15 19 ثلاث شياه

20 24 أربع شياه

25 35 بنت مخاض لها سنة

36 45 بنت لبون لها سنتان

46 60 حقة لها 3 سنين

61 75 جذعة لها أربع سنين

76 90 بنتا لبون

91 120 حقتان

121
ثلاث بنات لبون

ثم في كل أربعين بنت لبون , وفي كل خمسين حقة .
- إن أعدت بهيمة الأنعام "الإبل والبقر والغنم " للتجارة والنماء وحال عليها الحول تقوَّم وتزكى قيمتها ربع العشر .
وإن لم تكن للتجارة فلا زكاة فيها .
- لا يؤخذ في الصدقة إلا الأنثى ولا يجزئ الذكر إلا في زكاة البقر وابن لبون أو حق أو جذع مكان بنت مخاض أو إذا كان النصاب كله ذكورا .
3 - زكاة الخارج من الأرض :
تجب الزكاة في الحبوب كلها وفي كل ثمر يكال ويدخر كتمر وزبيب ، ويعتبر بلوغ النصاب ومقداره ثلاثمائة صاع نبوي أي ما يعادل (624) ستمائة وأربعة وعشرين كيلوجراما تقريبا .
- تضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض في تكميل النصاب إذا كانت جنسا واحدا، كأنواع التمر مثلا . الواجب في زكاة الحبوب والثمار :
أ- العشر فيما سقي بلا مؤونة كالأمطار .
2 - نصف العشر فيما سقي بمؤونة كمياه الآبار .
3 - ثلاثة أرباع العشر فيما سقي تارة بمؤونة وتارة بغيرها .
- تجب الزكاة إذا اشتد الحب وبدا صلاح الثمر .
- لا زكاة في الخضراوات والفواكه إلا إذا أعدت للتجارة فيخرج من قيمتها ربع العشر إذا حال عليها الحول وبلغت النصاب .
- ما يخرج من البحر كاللؤلؤ والمرجان والأسماك لا زكاة فيه أما إذا أعد للتجارة فيخرج من قيمته ربع العشر إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول .
- "الركاز" وهو المدفون في الأرض . الواجب فيه الخمس قل أو كثر يصرف في مصرف الفيء وباقيه أربعة أخماس لواجده .
4- زكاة عروض التجارة :
عروض التجارة هي ما أعد لبيع وشراء لأجل ربح من عقار وحيوان وطعام وشراب وآلات ونحوها .
عروض التجارة إذا بلغت نصابا وحال عليها الحول وجبت فيها الزكاة وتقوم بالأحظ للفقراء ويخرج ربع العشر من كامل القيمة، ويجوز إخراج زكاة العروض ربع العشر من العروض نفسها .
- إن نوى بعروض التجارة الاقتناء لا التجارة فلا زكاة فيها .
- نتاج السائمة وربح التجارة حولهما حول أصلهما إن كان نصابا .
شروط وجوب الزكاة :
تجب الزكاة على كل (1) حر، (2) مسلم، (3) مالك للنصاب، (4) ملكا مستقلا، (5) وحال عليه الحول، في غير المعشر والركاز .
إخراج الزكاة
أ- وقت إخراج الزكاة :
يجب إخراج الزكاة فورا كالنذور والكفارة ؛ لأن الأمر المطلق للفورية ومنه : { وَآتَوُا الزَّكَاةَ } [ البقرة : 277] .
وله أن يؤخرها لزمن الحاجة ولقريب وجار .
ب- حكم منعها :
من جحد وجوب الزكاة عالما عامدا كفر ولو أخرجها، لتكذيبه للّه ولرسوله وإجماع الأمة يستتاب فإن تاب وإلا قتل . ومن منعها بخلا وتهاونا أخذت منه وعزر؛ لارتكابه محرما .
يخرج عن الصغير والمجنون وليهما .
ج- ما يسن عند إخراجها :
أ- يسن إظهارها لتنتفي عنه التهمة . 2- أن يفرقها بنفسه ليتحقق وصولها إلى مستحقيها .
3 - أن يقول عند دفعها : "اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما" .
4 - يسن أن يقول الآخذ : "أجرك اللّه فيما أعطيت . بارك لك فيما أبقيت وجعله لك طهورا" .
5 - يسن دفعها إلى الفقراء الأقارب الذين لا تلزمه مؤونتهم .
مصارف الزكاة :
أهل الزكاة الذين يجوز صرفها إليهم ثمانية ، وهم المذكورون في قوله تعالى : { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [سورة التوبة آية : 60] .
وهم كالتالي :
1- الفقراء ، وهم الذين لا يجدون بعض الكفاية .
2- المساكين : وهم الذين يجدون أكثر الكفاية أو نصفها .
3- العاملون عليها : وهم جباتها وحفاظها إذا لم يكن لهم راتب .
4- المؤلفة قلوبهم : وهم رؤساء قومهم ممن يرجى إسلامه ، أو كف شره أو يرجى بعطيته قوة إيمانه أو إسلام نظيره .
5- الرقاب : وهم الأرقاء المكاتبون الذين اشتروا أنفسهم من أسيادهم .
6- الغارمون وهم نوعان :
1- غارمون لإصلاح ذات البين .
2- غارم لنفسه بأن تحمل ديونا ولم يكن عنده وفاء .
7- في سبيل اللّه : وهم الغزاة المتطوعون الذين يجاهدون في سبيل اللّه والدعوة إلى اللّه وما يعين عليها ويدعم أعمالها .
8- ابن السبيل : وهو المسافر المنقطع به وليس معه ما يوصله إلى بلده .
زكاة الفطر:
1 - حكمتها :
من حكمة زكاة الفطر : أنها تطهر نفس الصائم مما يكون قد علق بها من آَثار اللغو والرفث ، كما أنها تغني الفقراء والمساكين عن السؤال يوم العيد .
2 - مقدارها وأنواع الأطعمة التي تخرج منها :
مقدار زكاة الفطر صاع، والصاع أربعة أمداد ويقدر الصاع بثلاثة كيلوات تقريبا وتخرج من غالب قوت أهل البلد ، سواء كان قمحا أو تمرا أو أرزا أو زبيبا أو أقطا .
3 - وقت وجوبها ووقت إخراجها :
تجب زكاة الفطر بحلول ليلة العيد، وأوقات إخراجها : وقت جواز وهو إخراجها قبل يوم العيد بيوم أو يومين، لفعل ابن عمر ذلك . ووقت أداء فاضل وهو من طلوع فجر يوم العيد إلى قبيل الصلاة ، لأمره صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة .
4 - من تجب عليه زكاة الفطر :
تجب على كل مسلم حر أو عبد ذكر أو أنثى صغير أو كبير فضل عن قوت يومه وليلته ويستحب إخراجها عن الجنين في بطن أمه .
5 - مصرف زكاة الفطر :
مصرف زكاة الفطر كمصرف الزكوات العامة، غير أن الفقراء والمساكين أولى بها من باقي السهام لقوله صلى الله عليه وسلم : « أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم » .
5 - الاعتكاف وأحكامه: أنواعه وشروطه:الاعتكاف:
تعريفه:
- الاعتكاف لغة :
اللبث والدوام والمقام والاحتباس .
- وشرعا : اللبث والمكث في المسجد للعبادة بنية مخصوصة على كيفية مخصوصة .
حكمة مشروعيته :
1 - الاعتكاف فيه تفريغ القلب من أمور الدنيا بشغله بالإقبال على عبادة اللّه وذكره .
2 - تسليم النفس إلى المولى عز وجل بتفويض أمرها إلى اللّه والوقوف بباب فضله ورحمته .
أقسام الاعتكاف :
الاعتكاف قسمان :
1- الواجب : وهو المنذور، كأن يقول الشخص : إن نجحت في عمل "ما" اعتكفت ثلاثة أيام مثلا، أو إن تيسر لي عمل اعتكفت وهكذا .
2 - السنة المؤكدة : وأفضلها يكون في العشر الأخير من رمضان .
أركان ا لاعتكاف :
1 - الشخص المعتكف : لأن الاعتكاف فعل لا بد له من فاعل .
2 - المكث في المسجد : لقول علي رضي اللّه عنه: "لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة" ولأن المعتكف إذا كان في مسجد تقام فيه الجماعة يكون على أتم الاستعداد لأداء الصلوات على أكمل الوجوه وأتمها بالجماعة .
3 - محل الاعتكاف : وهو المكان الذي يتخذه المعتكف مقرا له في اعتكافه .
- شروط صحة الاعتكاف مجملة كالآتي :
1 - أن يكون المعتكف مسلما ، فلا يصح من الكافر .
2 - أن يكون مميزا فلا يصح من مجنون ولا من صبي .
3 - أن يكون في المسجد الذي تصلي فيه الجماعة بالنسبة للرجال .
4 - طهارة المعتكف من الجنابة والحيض والنفاس .
- يفسد الاعتكاف بالأمور الآتية :
1 - الجماع ولو من غير إنزال ، لقوله تعالى : { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } [البقرة : 187] .
2 - دواعي الجماع .
3 - الإغماء والجنون سواء كان بسكر أم بغيره .
4 - الارتداد عن الإسلام .
5 - الخروج من المسجد لغير عذر .
العذر المبيح للخروج :
- الأعذار التي بسببها يباح للمعتكف أن يخرج من معتكفه تتنوع إلى ثلاثة أنواع :
1 - أعذار شرعية :
كالخروج لصلاة الجمعة والعيدين إذا كان المسجد الذي يؤدي فيه الاعتكاف لا تصلى فيه الجمعة والعيدين .
والعلة في ذلك أن الاعتكاف يعتبر تقربا إلى اللّه سبحانه بترك المعاصي وهجرها ، وفي ترك صلاة الجمعة أو العيدين معصية تتنافى مع قربة الاعتكاف .
2- أعذار طبيعية :
كالبول والغائط ، أو الجنابة باحتلام إذا كان لا يمكنه الاغتسال في المسجد . ولكن ذلك مشروط بعدم مكث المعتكف خارج المسجد إلا بقدر قضاء حاجته .
3- أعذار ضرورية :
كأن يخاف على أمواله من الضياع أو يخاف على متاعه من التلف ، أو يخاف على نفسه من الهلاك أو الضرر لو بقي مستمرا في اعتكافه .
6 - الحج:
أحكام الحج:
العمرة وأحكامها:
الركن الخامس من أركان الإسلام:
الحج:
1 - معنى الحج :
2 - منزلة الحج في الإسلام :
الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام الخمسة وفرض في السنة التاسعة من الهجرة .
قال تعالى : { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا } [آل عمران : 97] , وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : « بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا اللّه ، وأن محمدا رسول اللّه، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان » (1)
3 - حكم الحج :
الحج فريضة اللّه على عباده مرة في العمر ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « الحج مرة ، فمن زاد فهو تطوع » (2) .
والحج معناه : "قصد مكة لعمل مخصوص في زمن مخصوص " .
4 - العمرة :
معنى العمرة : العمرة في اللغة الزيارة . وفي الشرع : أفعال مخصوصة مذكورة في مواضعها .
حكمها : واجبة في العمر مرة .
5 - حكمة مشروعية الحج والعمرة :
_________
(1) متفق عليه .
(2) أبو داود وأحمد والحاكم وصححه .
من الحكمة في الحج والعمرة، تطهير النفس من آثار الذنوب لتصبح أهلا لكرامة الله تعالى في الدار الآخرة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه » (1)
6- شروط وجوب الحجَ والعمرة :
- يشترط لوجوب الحج الشروط الآتية :
1- الإسلام .
2- العقل .
3- البلوغ .
4- الاستطاعة وهي وجود الزاد والراحلة الصالحين لمثله .
5- كمال الحرية .
6- وتزيد المرأة شرطا سادسا وهو المَحْرَمُ ؛ فإن حجَّت بدون محرم أثَمت وحجها صحيح .
- إذا أحرم الصبي بالحج صح نفلاَ وتلزمه حجة الإسلام إذا بلغ .
- إذا مات من لزمه الحج ولم يحج أخرج من تركته مال يُحجّ به عنه .
- لا يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه ، ويصح أن يستنيب قادر وغيره في نفل حج أو عمرة .
أنواع المناسك :
1 - عمرة مفردة .
2 - حج مفرد .
3 - حج وعمرة مقرونان .
4- عمرة متمتعا بها إلى الحج .
- فأما العمرة المفردة فهي في سائر أيام السنة . وأفضل العمرة ما . كانت مع الحج أو في رمضان .
- أما الحج المفرد فهو أن ينوي حجا مفردا مجردا من العمرة السابقة له أو المقارنة .
_________
(1) رواه البخاري في صحيحه .
- أما القرآن فهو أن يحرم بالحج والعمرة معا وتتداخل أعمالهما فيكفي طواف واحد وسعي واحد للحج والعمرة .
- أما التمتع فهو أفضل الأنساك وهو : أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج فيسعى لها ويطوف ويتحلل منها وفي اليوم الثامن من ذي الحجة يحرم بالحج من نفس العام ويأتي بأعمال الحج من طواف وسعي ووقوف وغير ذلك ، وعليه هَدْي واجب للتمتع والقرآن .
أركان الحج والعمرة :
- للحج أربعة أركان وهي : الإحرام ، والطواف ، والسعي ، والوقوف بعرفة فلو سقط ركن بطل الحج .
- وللعمرة ثلاثة أركان ، وهي : الإحرام ، والطواف ، والسعي ، فلا تتم إلا بها وتفصيل هذه الأركان على النحو التالي :
1 - الركن الأول : الإحرام :
وهو نية الدخول في أحد النسكين : الحج أو العمرة بعد التهيوء للإحرام والتجرد من المخيط .
واجبات الإحرام :
واجبات الإحرام ثلاثة وهي :
1 - الإحرام من الميقات : وهو المكان الذي حدده الشارع للإحرام بحيث لا يجوز تعديه بدون إحرام لمن كان يريد الحج أو العمرة .
2- التجرد من المخيط : فلا يلبس الرجل ثوبا ولا قميصا ولا برنسا ولا يعتم بعمامة ولا يغطي رأسه بشيء ، كما لا يلبس خفا إلا أن لا يجد نعلا . ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين .
3- التلبية، وهي قول : "لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك " .
يقولها المحرم عند الشروع في الإحرام وهو بالميقات لم يتجاوزه ، ويستحب تكرارها ورفع الصوت بها من الرجال وتجديدها عند كل مناسبة من نزول أو ركوب أو إقامة صلاة أو فراغ منها ، أو ملاقاة رفاق . وتقطع التلبية في العمرة إذا شرع في طوافها وتقطع في الحج إذا شرع في رمي جمرة العقبة .
الركن الثاني : الطواف :
الطواف، هو الدوران حول البيت سبعة أشواط ، وله شروط سبعة :
1 - النية عند الشروع فيه .
2 - الطهارة من الخبث والحدث .
3 - ستر العورة إذ الطواف كالصلاة .
4 - أن يكون الطواف بالبيت داخل المسجد ولو بعُد من البيت .
5 - أن يكون البيت على يسار الطائف .
6 - أن يكون الطواف سبعة أشواط .
7 - أن يوالي بين الأشواط ، فلا يفصل بينها لغير حاجة .
سنن الطواف :
1 - الرمل، وهو سنة للرجال القادرين دون النساء (1) ، وحقيقته أن يسارع الطائف في مشيه مع تقارب خطاه .
ولا يسن إلا في طواف القدوم ، في الأشواط الثلاثة الأولى منه .
2 - الاضطباع، وهو كشف الضبع (2) أي الكتف الأيمن، ولا يسن إلا في طواف القدوم خاصة، وللرجال دون النساء، ويكون في الأشواط السبعة عامة .
3 - تقبيل الحجر الأسود عند بدء الطواف وفي كل شوط إن أمكن وكذا استلام الركن اليماني .
4 - قول : بسم اللّه واللّه أكبر . اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاءً بعهدك واتباعا لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم عند بدء الشوط الأول .
5 - الدعاء أثناء الطواف وهو غير محدد ولا معين بل يدعو كل طائف بما يفتح اللّه عليه، غير أنه يسن ختم كل شوط بقول : { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }
6- الدعاء بالملتزم عند الطواف من الفراغ . والملتزم هو المكان الذي بين باب البيت والحجر الأسود .
7- صلاة ركعتين بعد الفراغ من الطواف خلف مقام إبراهيم يقرأ فيهما بسورتي الكافرون والإخلاص بعد الفاتحة .
8- الشرب من ماء زمزم والتضلع منه بعد الفراغ من صلاة الركعتين .
_________
(1) روى مسلم عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الأسود ثلاثا ومشى أربعا .
(2) روى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فاضطبعوا، فجعلوا أرديتهم تحت آباطهم وقذفوها على عواتقهم اليسرى .
9- الرجوع لاستلام الحجر الأسود قبل الخروج إلى المسعى .
الركن الثالث السعي :
السعي
: هو المشي بين الصفا والمروة ذهابا وإيابا بنية التعبد وهو ركن في الحج والعمرة .
أ- شروط السعي :
شروط السعي هي :
1 - النية ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « إنما الأعمال بالنيات » .
2 - الترتيب بينه وبين الطواف، بأن يقدم الطواف على السعي .
3 - الموالاة بين أشواطه ، غير أن الفصل اليسير لا يضر ولا سيما إذا كان لحاجة .
4 - إكمال العدد سبعة أشواط ، فلو نقص شوطا أو بعض الشوط لم يجزئ ، إذ حقيقته متوقفة على تمام أشواطه .
5 - وقوعه بعد طواف صحيح ، سواء كان الطواف واجبا أو مسنونا .
ب- سنن السعي :
سنن السعي هي :

1 - الخبب ، وهو سرعة المشي بين الميلين الأخضرين الموضوعين على حافتي الوادي القديم الذي خبَّت فيه " هاجر " أم إسماعيل عليهما السلام ، وهو سنة للرجال القادرين دون الضعفة والنساء .
2 - الوقوف على الصفا والمروة للدعاء فوقهما .
3 - الدعاء على كل من الصفا والمروة في كل شوط من الأشواط السبعة .
4 - قول : "اللّه أكبر" ثلاثا عند الرقي على كل من الصفا والمروة في كل شوط وكذا قول : "لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير . لا إله إلا اللّه ، وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده .
5- الموالاة بينه وبين الطواف، بحيث لا يفصل بينهما بدون عذر شرعي .
الركن الرابع : الوقوف بعرفة :
الوقوف بعرفة ، حقيقته : الحضور بالمكان المسمى عرفات ، لحظة فأكثر بنية الوقوف من ظهر يوم تاسع الحجة إلى فجر اليوم العاشر منه .
ومن فاته الوقوف بعرفة فاته الحج وتحلل بعمرة ويقضيه فيما بعد ، ويهدي إن لم يكن اشترط، ومن صده عدو عن البيت أهدى ثم حل .
وإن حصره مرض أو ذهاب نفقة فإن كان قد اشترط "ومحلي حيث حبستني " تحلل ولا شيء عليه وإن لم يشترط حل وعليه ما تيسر من الهدي .
واجبات الحج :
واجبات الحج سبعة :
أ- الإحرام من الميقات .
2- الوقوف بعرفة إلى الغروب لمن وقف نهارا .
3- المبيت ليلة النحر بمزدلفة إلى بعد منتصف الليل .
4- المبيت بمنى في ليالي التشريق .
5- رمي الجمار مرتبا .
6- الحلق أو التقصير .
7- طواف الوداع .
واجبات العمرة
واجباتها شيئان :
1- الإحرام بها من الحل لأهل مكة ومن الميقات لغيرهم .
2- الحلق أو التقصير .
تنبيه :
من ترك ركنا لا يتم نسكه إلا به .
ومن ترك واجبا جبره بدم، ومن ترك سنة فلا شيء عليه .
محظورات الإحرام:
المحظورات هي الأعمال الممنوعة التي لو فعلها الحاج أو المعتمر وجب عليه فيها فدية ، أو صيام، أو إطعام؛ فيحرم على المحرم ذكرا كان أو أنثى ما يأتي :
1 - حلق الشعر من جميع بدنه .
2 - تقليم الأظفار .
3 - تغطية الرأس، وتغطية الوجه من الأنثى إلا إذا مر بها رجال أجانب .
4 - لبس الذكر للمخيط وهو ما يخاط على حجم العضو، كالثوب والسروال ونحوهما .
5 - الطيب .
6 - قتل الصيد البري المأكول .
7 - عقد النكاح .
8- الجماع، فإن كان قبل التحلل الأول فسد نسكهما، ويجب في ذلك بدنة ويمضيان فيه ويقضيان ثاني عام، وإن كان بعد التحلل الأول فلا يفسد به النسك لكن يجب في ذلك شاة .
9 - مباشرة الرجل المرأة فيما دون الفرج فإن أنزل فعليه بدنة وإن لم ينزل فعليه شاة ولا يفسد حجه في كلا الحالين .
المرأة كالرجل فيما سبق من المحظورات إلا في لبس المخيط فتلبس ما شاءت غير متبرجة، وتغطي رأسها، وتكشف وجهها ولا تغطيه إلا عند وجود رجال أجانب منها .
التحلل الأول في الحج يحصل بفعل اثنين من ثلاثة :
1 - طواف 2- رمي 3- حلق أو تقصير .
إذا حاضت المرأة المتمتعة قبل الطواف، وخشيت فوات الحج أحرمت به وصارت قارنة، والحائض والنفساء تفعل المناسك كلها غير الطواف بالبيت .
يجوز للمحرم ذبح بهيمة الأنعام، والدجاج، ونحوها، وله قتل الصائل المؤذي كالأسد والذئب والنمر والفهد والحية والعقرب والفأرة وكل مؤذ، كما يجوز له صيد البحر، وطعامه .
يحرم على المحرم وغير المحرم قطع شجر الحرم، وحشيشه، إلا الإذخر كما يحرم قتل صيد الحرم فإن فعل فعليه الفدية، ويحرم صيد حرم المدينة وقطع شجره ولا فدية فيه .
من كان له عذر واحتاج إلى فعل محظور من محظورات الإحرام السابقة غير الوطء كحلق الشعر، ولبس المخيط ونحوهما فله ذلك ، وعليه فدية يخير فيها بين :
1 - صيام ثلاثة أيام .
2 - أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مدُّ برِّ أو أرز أو نحوهما .
3 - أو ذبح شاة .
منْ فعل شيئا من محظورات الإحرام جاهلا، أو ناسيا، أو مكرها فلا إثم عليه ولا فدية؛ لقوله تعالى : { رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } وعليه أن يتخلى عن المحظور فورا .
مَنْ قتل صيدا بريا وهو محرم فإن كان له مثل من النعم خُيّر بين إخراج المثل، يذبحه ويطعمه مساكين الحرم، أو يقومه بدراهم يشتري بها طعاما فيطعم كل مسكين مُدا أو يصوم عن كل مُد يوما ، وإن كان الصيد ليس له مثْلٌ خُيّر بين أن يشتري بقيمته طعاما ويفرقه على مساكين الحرم أو يصومَ عن كل مُد يوما .
فدية المباشرة دون إنزال كفدية الأذى "صيام، أو إطعام، أو ذبح شاة" .
فدية الجماع في الحج قبل التحلل الأول بدنة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، وإن كان بعد التحلل الأول فكفدية الأذى .
يجب على المتمتع والقارن الهدي إن لم يكونا من أهل مكة وهو شاة، أو سبع بدنه، أو سبع بقرة، فمن لم يجد الهدي، صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله .
المحصر إذا لم يجد هديا صام عشرة أيام ثم حل .
من كرر محظورا من جنس واحد ولم يفد فدى مرة واحدة بخلاف صيد، ومن كرر محظورا من أجناس بأن حلق، ثم قلم أظفاره فدى لكل جنس مرة .
المواقيت:
المواقيت قسمان :
1 - زمانية : وهي أشهر الحج شوال وذو القعدة، وذو الحجة .
2 - مكانية : وهي التي يحرم منها من أراد الحج أو العمرة وهي خمسة :
1 - ذو الحليفة : وهو ميقات أهل المدينة ومَنْ مرَّ بها، وتبعد عن مكة 435 كيلومتراٌ ، وهي أبعد المواقيت عن مكة .
2 - الجحفة : وهي ميقات أهل الشام ومصر ومن حاذاها أو مر بها . وهي قرية قرب رابغ وتبعد عن مكة 180 كيلومترا، ويحرم الناس الآن من رابغ .
3 - يلملم : وهو ميقات أهل اليمن ومن بحذائها أو مر بها، ويلملم واد يبعد عن مكة حوالي 92 كيلومترا .
4 - قرن المنازل : وهو ميقات أهل نجد والطائف ومن مر به، وهو المشهور الآن ب "السيل الكبير" بينه وبين مكة 75 كيلومترا، ووادي محرم هو أعلى قرن المنازل .
5 - ذات عرق : وهي ميقات أهل العراق وخراسان ووسط وشمال نجد ومن حاذاها أو مر بها، وهو واد، وتسمى الضريبة بينها وبين مكة 100 كيلومترا تقريبا . هذه المواقيت لأهلها ولمن مر عليها من غيرهم ممن أراد الحج أو العمرة .
من كان دون المواقيت فميقاته من حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة .
مَن أراد الحج من أهل مكة أحرم منها، ومن أراد العمرة من أهل مكة أحرم من الحلّ وهو خارج الحرم من جميع الجهات .
إذا لم يكن طريقه على ميقات فميقاته حذو أقرب المواقيت إليه فيحرم إذا حاذاه سواء كان بطائرة أو سيارة أو باخرة .
لا يجوز لحاج أو معتمر تجاوز الميقات بلا إحرام، ومن تجاوزه بلا إحرام لزمه الرجوع إلى الميقات ليحرم منه، فإن لم يرجع أحرم من موضعه ولزمه دم وحجته وعمرته صحيحة ، وإن أحرم قبل الميقات صح مع الكراهة .
7 - الأضحية والعقيقة:
- الأضحية :
هي ما يذبح من الإبل والبقر والغنم في يوم النحر وأيام التشريق بنيَّة الأضحية وهي سُنَّة .
- وقت ذبح الأضحية :
من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى آخر أيام التشريق .
- يسن توزيع الأضحية أثلاثا، يأكل ثلثا ويهدي ثلثا، ويتصدق بثلث .
وللأضحية فضل عظيم لما فيها من التوسعة، ونفع الفقراء وسد حاجاتهم .
ولا يجزئ في الأضحية والهدي إلا ما كان من الإبل ثني له خمس سنين ، ومن البقر ثني له سنتان، ومن الضأن جذع له ستة أشهر ، ومن المعز ثني وهو ما له سنة .
- تجزئ الشاة عن واحد ، والبدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة ، ويجوز أن يضحي بشاة أو بدنة أو بقرة عنه وعن أهل بيته ، وينبغي أن تكون الأضحية سليمة من العيوب .
- العقيقة :
هي الذبيحة عن المولود، وهي سُنَّة، تشرع عن الغلام شاتان، وعن البنت شاة، تذبح يوم سابعه ويسمى فيه، ويحلق رأسه ويتصدق بوزن الشعر ورقا فإن فات ففي الرابع عشر ، فإن فات ففي واحد وعشرين ، ثم في أي وقت ويسن ألا يكسر عظمها ، والعقيقة شكر لله على نعمة متجددة ومولود قادم .
8 - الجهاد:
أ- تعريفه :
هو بذل الطاقة والوسع في قتال الكفار .
ب- حكمة مشروعيته :
الجهاد ذروة سنام الإسلام ، وأفضل متطوع به ، شرعه اللّه لتحقيق الأهداف الآتية :
1 - لتكون كلمة اللّه هي العليا، ويكون الدين كله للّه .
2 - لإسعاد البشرية وإخراجها من الظلمات إلى النور .
3 - لإقامة العدل في الأرض بإحقاق الحق، وإبطال الباطل، ومنع الظلم والفساد .
4 - لنشر الدين، وحماية المسلمين، ورد كيد الأعداء .
ج- حكم الجهاد :الجهاد فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، ويجب على كل مستطيع في الحالات الآتية :
ا- إذا حضر صف القتال .
2 - إذا حضر بلده عدو .
3 - إذا استنفر الإمام .
د - شروط وجوب الجهاد :
الإسلام، العقل، البلوغ، الذكورية، السلامة من الضرر (كالمرض والعمى والعرج)، ووجود النفقة .
هـ- أقسام الجهاد :
الجهاد أربعة أقسام هي:
1 - جهاد النفس : وهو جهاد النفس على تعلم الدين، والعمل به، والدعوة إليه، والصبر على الأذى فيه .
2 - جهاد الشيطان : وهو جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات، والشهوات .
3 - جهاد الكفار والمنافقين : ويكون بالقلب، واللسان، والمال، واليد .
4 - جهاد أصحاب الظلم، والبدع والمنكرات : والأفضل أن يكون باليد إذا قدر فإن عجز فباللسان، فإن عجز فبالقلب .
و- ما للشهيد من فضل عند الله تعالى :
للشهيد عند اللّه سبع خصال : يغفر له في أول قطرة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويحلى حلية الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه .
ز- آداب الحرب :
من آداب الحرب في الإسلام، عدم الغدر، عدم قتل النساء والأطفال إذا لم يقاتلوا، البعد عن العُجْب والغرور، وعدم تمني لقاء العدو، الدعاء بالنصر والتأييد من اللّه ومنه "اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم ا لأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم " .
- ويحرم الفرار من الزحف إلا في حالتين :
الأولى التحرف للقتال .
الثانية التحيز إلى فئة .
ح- أسرى الحرب :
1- النساء والأطفال يسترقون .
2- الرجال المقاتلون يخيَّر الإمام بين إطلاقهم، أو مفاداتهم، أو قتلهم .
- يجب على الإمام أن يتفقد جيشه عند المسير، ويمنع المخذل والمرجف، ولا يستعين بكافر إلا لضرورة، ويعد الزاد، ويسير بالجيش برفق، ويطلب لهم أحسن المنازل، ويمنع الجيش من الفساد والمعاصي، ويحدثهم بما يقوي نفوسهم، ويرغبهم في الشهادة ويأمرهم بالصبر، ويقسم الجيش، ويعيّن عليهم العُرفاء، والحراس، ويبعث العيون على العدو، ويَنْفل من يرى من الجيش، ويشاور في أمر الجهاد أهل الدين والرأي .
ي- ما يجب على الجيش للإمام :
يلزم الجيش طاعة الإمام، والصبر معه، ولا يجوز الغزو إلا بإذنه إلا أن يفاجأهم عدو يخافون شره وأذاه، وإن طلب العدو الهدنة، أو كانوا في الأشهر الحرم فللمسلمين عقد الهدنة .
القسم الثاني:
المعاملات:
- البيع وأحكامه وشروطه .
- الربا معول هدم وتدمير لاقتصاد الأمم والشعوب، وأحكام الربا .
- الإجارة وأحكامها وشروطها .
- الوقف وأحكامه وشروطه .
- الوصية وأحكامها وشروطها .
القسم الثاني : المعاملات 1 - البيع:
أ- تعريف البيع لغة وشرعا :
البيع لغة : مصدر باع وهو مبادلة مال بمال أو دفع عوض وأخذ ما عوض عنه .
والبيع شرعا : "عقد معاوضة مالية تفيد ملك عين أو منفعة على التأبيد لا على وجه القربة" .
حكم البيع : البيع مشروع على سبيل الجواز، دل على جوازه الكتاب والسنة والإجماع والمعقول .
ب- الحكمة من إباحة البيع :
لما كانت النقود والسلع والعروض موزعة بين الناس عامة، وحاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه، وهو لا يبذله بغير عوض، وفي إباحة البيع قضاء لحاجته، ووصول إلى غرضه، لذا أحلَّ اللّه البيع لتتحقق تلك المصالح .
أركان البيع :
أركان البيع هي :
1 - الصيغة : الإيجاب والقبول .
2 - المتعاقدين : البائع والمشتري .
3 - محل العقد : الثمن والمثمّن .
صيغة البيع :
هي الإيجاب والقبول وكل ما يدل على الرضا مثل قول البائع : بعتك أو أعطيتك أو ملكتك، بكذا . وقال المشتري : اشتريت أو تملكت أو ابتعت أو قبلت وشبه ذلك . ويصح البيع بالصيغة الفعلية من طرف واحد، ومن الطرفين : البائع والمشتري .
التعاقد بالهاتف :
المحادثة الهاتفية تعتبر هي مجلس العقد وهي تنتهي بانتهاء الاتصال ؛ لأن العرف محكم في بيان مجلس العقد وانقضائه .
يشترط لصحة البيع سبعة شروط :
1 - التراضي من البائع والمشتري أو من يقوم مقامهما .
2 - جواز التصرف من المتعاقدين ، بأن يكون كل منهما حرا مكلفا رشيدا .
3 - أن تكون السلعة مباحة النفع فلا يجوز بيع ما لا نفع فيه ، ولا ما نفعه محرم كالخمر والخنزير، ولا ما فيه منفعة لا تباح إلا حال الاضطرار كالميتة .
4 - أن يكون المبيع مملوكا للبائع، أو مأذونا له في بيعه وقت العقد .
5 - أن يكون المبيع معلوما بالوصف والمشاهدة .
6 - أن يكون الثمن معلوما .
7 - أن يكون المبيع مقدورا على تسليمه، فلا يصح بيع الشارد، والطير في الهواء ونحوهما .
الشروط في البيع :
الشروط في البيع قسمان : صحيح لازم، وفاسد مبطل للعقد، فالصحيح : كشرط تأجيل الثمن أو بعضه . أو رهن أو ضمين معينين ؛ لأن ذلك من مصلحة العقد . أو شرط صفة في المبيع لحديث : « المسلمون على شروطهم » [رواه أحمد وأبو داود ] .
ويصح أن يشترط البائع على المشتري منفعة ما باعه مدة معلومة كسكنى الدار شهرا مثلا .
أما الشروط الفاسدة فمنها : فاسد يبطل العقد كاشتراط أحدهما على الآخر عقدا آخر كسلف وبيع وإجارة وصرف . ومنها ما لا يبطل العقد وإنما يبطل الشرط نفسه وذلك فيما إذا شرط أن لا خسارة عليه أو متى نفق المبيع وإلا رده . أو لا يبيعه ولا يهبه إلا إذا كان لاشتراط ذلك مصلحة خاصة فيصح الشرط .
البيوع المنهي عنها :
أباح الإسلام بيع كل شيء يجلب الخير والبركة، وحرم بعض البيوع لما في بعضها من الجهالة والغرر، أو الإضرار بأهل السوق، أو إيغار الصدور ونحوها مما يسبب الأحقاد والتشاحن والتناحر ومنها :
1 - الملامسة :
كأن يقول مثلا أي ثوب لمسته فهو لك بكذا ، وهذا البيع فاسد لوجود الجهالة والغرر .
2 - بيع المنابذة :
كأن يقول أي ثوب نبذته إليَّ فهو عليك بكذا، وهذا البيع فاسد لا يصح لوجود الجهالة والغرر .
3 - بيع الحصاة :
كأن يقول : ارم هذه الحصاة فعلى أي سلعة وقعت فهي لك بكذا، وهذا البيع فاسد لا يصح للجهالة والغرر .
4- بيع النجش :
وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها، وهذا البيع حرام ؛ لأن فيه تغريرا بالمشتري وخداعا له .
5- بيعتان في بيعة :
كأن يقول : بعتك هذا على أن تبيعني أو تشتري مني هذا، أو بعتك هذه السلعة بعشرة حالة، أو عشرين مؤجلة ويتفرقا قبل تعيين أحدهما، وهذا البيع غير صحيح ؛ لأن البيع معلق بشرط في الأول ؛ ولعدم استقرار الثمن في الثاني .
6- بيع الحاضر للبادي :
وهو السمسار الذي يبيع السلعة بأغلى من سعر يومها .
7- بيع الرجل على بيع أخيه :
كأن يقول لمن يريد شراء سلعة بعشرة عندي لك مثلها بتسعة .
8- بيع السلعة قبل قبضها .
9- بيع العينة :
وهي أن يبيعه سلعة إلى أجل ثم يشتريها منه بأقل من قيمتها نقدا .
10- البيع بعد النداء الثاني للجمعة لمن تلزمه .
2 - الربا- أحكامه -أقسامه
الطرق التي فتحها الإسلام للتخلص منه
أ- تعريف الربا :الربا : مقصور ويطلق على الزيادة والنمو، يقال : ربا المال إذا زاد ونما، وأربى على الخمسين زاد ويطلق على كل بيع محرم .
- والربا في اصطلاح الفقهاء : الزيادة في أشياء مخصوصة .
أو هو عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد، أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما .
ب- حكمة تحريم الربا :
والإسلام حرَّم الربا للأمور التالية :
1 - انعدام التقابل بين الجهد والثمرة لكون الدائن المرابي لا يبذل جهدا ولا يقدم عملا ولا يتحمل خسارة . . فيما يحصل عليه من كسب وما يتملكه من ربح .
2 - انهيار اقتصاد المجتمع بسبب تلكُّؤ الدائن عن العمل . . وإخلاده إلى الراحة والكسل طمعا في ربح الفائدة والإثقال على المدين بالالتزامات الربوية .
3 - انهيار أخلاق المجتمع بسبب انعدام التعاون بين أفراده مما يؤدي حتما إلى تفسخ المجتمع وشيوع الأنانية والأثرة فيه بدل التضحية والمحبة والإيثار .
4 - انقسام المجتمع إلى طبقتين متنازعتين طبقة المستغلين والمتحكمين برؤوس أموالهم، وطبقة الفقراء والمستضعفين الذين أكلت جهودهم وأتعابهم من غير حق .
ب- أنواع الربا :
الربا عند أكثر العلماء نوعان هما :
1 - ربا النسيئة : والنسيئة هي : التأجيل والتأخير . وربا النسيئة هو : الزيادة في أحد العوضين مقابل تأخير الدفع ويسمى بالأجل .
2 - ربا الفضل : والفضل لغة ضد النقص .
وربا الفضل هو : الزيادة في أحد البدلين المتفقين جنسا، كذهب بذهب أكثر وبر ببر أكثر ونحوهما، مما يجري فيه ربا الفضل، ويسمى ربا البيع والربا الخفي .
- وزاد الشافعية نوعا ثالثا سموه : ربا اليد وهو : تأخير قبض العوضين أو أحدهما .
- وزاد بعضهم نوعا رابعا سماه : ربا القرض وهو المشروط فيه جر نفع .
- غير أن هذا التقسيم لم يخرج في الحقيقة عن تقسيم بقية العلماء إذ إن ما سموه ربا اليد أو ربا القرض يمكن إرجاعهما إلى النوعين الأولين .
- ويقسم الاقتصاديون المحدثون الربا إلى استهلاكي وإنتاجي .
1 - الاستهلاكي : هو الزيادة التي تؤخذ على القروض المستعملة في شراء الحاجات الاستهلاكية كطعام وشراب ودواء ونحو ذلك .
2 - الإنتاجي : هو ما يؤخذ على الديون المستعملة في عمليات إنتاجية كإقامة مصنع أو عمل مزرعة أو من أجل أغراض تجارية محضة .
كما يقسمونه أيضا إلى نوعين آخرين هما :
1 - مضاعف : وهو الذي تجعل فيه الفائدة بنسبة كبيرة .
2 - بسيط : وهو الذي تكون فيه الفائدة بنسبة قليلة .
وتحريم الإسلام للربا يشمل كل تعامل به سواء أكان ربا فضل أو ربا نسيئة وسواء كان الربا بفائدة كثيرة أو قليلة وسواء أكان ربا استهلاك أو استثمار فكل هذه التنويعات تندرج تحت لفظ التحريم في قول اللّه تعالى : { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } [ البقرة : 275] .
د- الطرق التي فتحها الإسلام للتخلص من التعامل بالربا :
هيَّأ الإسلام طرقا للقضاء على الربا القائم والتخلص منه مستقبلا ، من هذه الطرق : 1- أنه أباح شركة المضاربة، وهي شركة يكون رأس المال فيها من شخص . والعمل من شخص آخر ، والربح مشترك بينهما بالقدر المتفق عليه، والخسارة على صاحب رأس المال، أما صاحب الجهد والعمل فلم يتحمل من الخسارة شيئا إذ يكفيه أنه خسر جهده وعمله .
2 - أباح بيع السّلم، وهو بيع آجل بعاجل، فمن كان مضطرا للمال يبيع على الموسم من إنتاجه بسعر مناسب ، وبشروط مذكورة في كتب الفقه .
3 - أباح بيع المؤجل : وهو زيادة عن الثمن في بيع النقد ، وقد أباحه الإسلام لتيسير مصالح الناس، وللتخلص من التعامل بالربا .
4 - حض على وجود مؤسسات للقرض الحسن : سواء أكان القرض على مستوى الأفراد أو على مستوى الجماعات أو على مستوى الحكومات . . تحقيقا لمبدأ التكافل الاجتماعي بين الأمة .
5 - شرع الإسلام دفع الزكاة للمديون المحتاج ، والفقير الذي لا يملك ، والغريب المنقطع ونحو ذلك سدًّا لحاجتهم وجبرا لخلتهم ورفعا لمستواهم .
تلك هي أهم الأبواب التي فتحها الإسلام أمام أي فرد من المجتمع ، لتتحقق مصلحته وتحفظ له كرامته الإنسانية ، ويصل إلى مقصده النبيل في قضاء حوائجه ، وتأمين مصالحه وازدهار عمله وإنتاجه .
- فوائد البنوك وحكمها :
- الفوائد جمع فائدة ، والمقصود بها عند الاقتصاديين : فائدة ما يسمى بالنقود السائلة ، وهي الزيادة التي تدفعها البنوك وصناديق الادخار على الودائع أو تأخذها على القروض، وهي من الربا بل هي الربا بعينه وإن سموها فوائد فلا شك في أنها من الربا المحرم بالكتاب والسنة والإجماع .
وقد نقل الإجماع على تحريم الزيادة المشروطة على القرض . على أن ما يسمونه قرضا ليس قرضا بل هو كما يقول مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه اللّه : "والحقيقة فيما يقال عنه قرض ليس قرضا ؛ لأن المقصود بالقرض الإحسان والإرفاق، وهذا معاوضة ظاهرة فهو في الحقيقة بيع دراهم إلى أجل ، وربحها ربحا معلوما مشروطا .
وبهذا يعلم أن الفائدة التي تأخذها البنوك على القروض أو تدفعها على الودائع تساوي الربا تماما فكلاهما بمعنى الزيادة فيصح إطلاق كل منهما على الآخر " .
3 - الإجارة:
أ- تعريف الإجارة :هي عقد على منفعة مباحة معلومة .
ب- حكمها :جائزة ، وهي عقد لازم من الطرفين .
ج- حكمة مشروعيتها :الإجارة فيها تبادل المنافع بين الناس بعضهم بعضا فهم يحتاجون أرباب الحرف للعمل والبيوت للسكنى والدواب والسيارات والآلات للحمل ، والركوب ، والانتفاع ، وإباحة الإجارة تيسير على الناس وقضاء لحاجاتهم .
والإجارة نوعان :
1 - أن تكون على عين معينة، كأجرتك هذه الدار أو السيارة .
2 - أن تكون على عمل كأن يستأجر شخصا لبناء جدار ، أو حرث أرض ونحوهما .
هـ- شروط الإجارة :شروط الإجارة أربعة هي :
1 - أن تكون من جائز التصرف .
2 - معرفة المنفعة كسكنى دار ، أو خدمة آدمي، أو تعليم علم .
3 - معرفة الأجرة .
4 - أن تكون المنفعة مباحة كدار للسكن ، فلا تصح على نفع محرم كالزنا، والغناء ، وجعل داره كنيسة، أو لبيع خمر ونحو ذلك .
(مسألة) : إن ركب سيارة أو طائرة أو سفينة ، أو أعطى ثوبه قصارا أو خياطا أو استأجر حمالا بلا عقد صح ذلك كله بأجرة العادة ؛ لأن العرف الجاري بذلك وغيره يقوم مقام القول .
و- ما يشترط في المؤجر :
يشترط في العين المؤجرة ، معرفتها برؤية أو صفة ، وأن يعقد على نفعها دون أجزائها ، وأن يقدر على تسليمها ، وأن تشتمل على المنفعة ، وأن تكون مملوكة للمؤجر أو مأذونا له فيها .
ز- مسائل في الإجارة :
- تصح إجارة الوقف ، فإن مات المؤجر ، وانتقل إلى من بعده لم تنفسخ وللثاني حصته من الأجرة .
- كل ما حرم بيعه حرمت إجارته إلا الوقف، والحر، وأم الولد .
- تنفسخ الإجارة بتلف العين المؤجرة، وانقطاع نفعها .
- يجوز أخذ الأجرة على التعليم ، وبناء المساجد ، ونحوها ، أما الحج فيجوز مع الحاجة أخذ الأجرة .
- إذا أخذ الإمام، أو المؤذن، أو المعلم للقرآن من بيت المال أو أعطي بلا شرط جاز له ذلك .
- لا يضمن الأجير ما تلف بيده ما لم يفرط أو يتعدى .
- تجب الأجرة بالعقد ، ويجب تسليم الأجرة بتسليم العين المؤجرة وإن تراضيا على التأجيل، أو التقسيط جاز، والأجير يستحق أجرته إذا قضى عمله .
الوقف:
1 - تعريف الوقف لغة واصطلاحا :
الوقف في اللغة :
مصدر وقف وجمعه أوقاف ، يقال : وقف الشيء وأوقفه وحبسه وأحبسه وسبّله بمعنى واحد .
وأما في الاصطلاح :
هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة .
2 - الأصل في مشروعية الوقف :
الأصل في مشروعيته السنّة الثابتة عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وكذلك إجماع الأمة .
أما السنة : ففي الصحيحين « أن عمر قال : يا رسول اللّه ، إني أصبت مالا بخيبر لم أصب قط مالا أنفس عندي منه، فما تأمرني فيه ؟ قال : "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها غير أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث » .
فتصدق بها عمر على الفقراء وذوي القربى والرقاب وفي سبيل اللّه وابن السبيل والضيف ، ولا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه .
والوقف مما اختص به المسلمون ، قال جابر - رضي اللّه عنه- : لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف .
"وهذا يبين أن ما عليه الناس الآن عكس ما عرف في عصر الصحابة ، فغالب الناس الآن لا يعرفون إلا الوصية ولا يعرفون الوقف " .
3- حكمة مشروعية الوقف :
1- يُرغِّب مَنْ وسَّع اللّه عليهم من ذوي الغنى واليسار أن يتزودوا من الطاعات ويكثروا من القربات فيخصصوا شيئا من أموالهم العينية ما يبقى أصله وتستمر المنفعة منه خشية أن يؤول المال بعد مفارقة الحياة إلى من لا يحفظه ولا يصونه فينمحي عمله ويصبح عَقبُه من ذوي الفاقة والإعسار، ودفعا لكل هذه التوقعات ومشاركة في أعَمال الخيرات شرع الوقف في الحياة ليباشر الواقف ذلك بنفسه ويضعه في موضعه الذي يريده ويتمناه وليستمر مصرف ريعه بعد الوفاة كما كان في الحياة .
2- الوقف سبب رئيسي في قيام المساجد والمدارس والربط ونحوها من أعمال الخير والمحافظة عليها، فإن أغلب المساجد على مدى التاريخ قامت على تلك الأوقاف ، بل إن كل ما يحتاجه المسجد من فرش وتنظيف ورزق القائمين عليه كان ولا يزال مدعوما بالأوقاف .
4 - ألفاظ الوقف :
له ألفاظ صريحة وهي :
وقفت وحبست وسبّلت .
وأما الألفاظ الكنائية فهي :
تصدقت وحرّمت وأبدت .
وتكون ألفاظ الكناية دالة على الوقف بواحد من ثلاثة أمور :
1 - النية، فإذا نطق ونوى بواحدة من هذه الألفاظ الكنائية صار موقفا .
2 - إذا اقترنت الألفاظ الكنائية بواحدة من الألفاظ الصريحة أو الكنائية كتصدقت بكذا صدقة موقوفة أو محبّسة أو مسبّلة أو مؤبدة أو محرمة .
3- أن يصف العين بأوصاف ، فيقول : محرمة لا تباع ولا توهب . وكما يصح الوقف بالقول كواحد من الألفاظ الصريحة أو الكنائية على ما ذُكر فإنه يصح بالفعل كمن جعل أرضه مسجدا وأذن للناس في الصلاة فيها .
5 - أنواع الوقف :
ينقسم الوقف باعتبار الجهة الأولى التي وقف عليها إلى نوعين :
1 - خيري
2 - وأهلي .
1 - الوقف الخيري :
هو الذي يوقف في أول الأمر على جهة خيرية ولو لمدة معينة، ويكون بعدها وقفا على شخص معين أو أشخاص معينين ، كأن يقف أرضه على مستشفى أو مدرسة ثم من بعد ذلك على أولاده .
2 - الوقف الأهلي أو الذُّري :
وهو الذي يوقف في ابتداء الأمر على نفس الواقف أو أي شخص أو أشخاص معينين ويجعل آخره لجهة خيرية . كأن يوقف على نفسه ثم على أولاده ثم على جهة خيرية من بعدهم .
6 - محل الوقف :
محل الوقف هو المال الموجود المتقوّم من عقار أرضا أو دارا بالإجماع ، أو منقول ككتب وثياب وحيوان وسلاح ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا فإنه احتبس أدرعه وأعتده في سبيل اللّه » . واتفقت الأمة على وقف الحُصرُ والقناديل في المساجد من غير نكير .
ويصح وقف الحلي للبس والإعارة ؛ لأنه عين يمكن الانتفاع بها دائما فصح وقفها كالعقار .
شروط المُوقف :
يشترط في الموقف شروطا إذا توافرت فيه صح وقفه وإلا فلا وهي :
1 - أن يكون أهلا للتبرع ، فلا يصح الوقف من غاصب ولا من مشتر لم يستقر له الملك استقرارا تاما .
2 - أن يكون الموقف عاقلا ، فلا يصح الوقف من مجنون ولا معتوه ونحوهما .
3 - أن يكون بالغا ، فلا يصح وقف الصبي سواء كان مميزا أو غير مميز .
4 - أن يكون رشيدا فلا يصح الوقف من محجور عليه لسفه أو فلس أو غفلة .
8 - شروط الموقوف :
ولكي يكون الوقف نافذا في الموقوف فيشترط لذلك شروطا :
1 - أن يكون مالا متقوّما من عقار وغيره .
2 - أن يكون الموقوف معلوما محددا .
3 - أن يكون الموقوف مملوكا للواقف حال الوقف .
4 - أن يكون الموقوف معينا غير شائع فلا يجوز وقف نصيب مشاع .
5 - أن لا يتعلق بالموقوف حق للغير .
6 - أن يمكن الانتفاع بالموقوف عرفا .
7 - أن يكون في الموقوف منفعة مباحة .
9 - كيفية الانتفاع بالموقوف :
يحصل الانتفاع بالموقوف :
بتحصيل المنفعة كسكن الدار وركوب الدابة والصوف واللبن والبيض والوبر من الحيوان .
10 - الفرق بين الوقف والوصية :
1 - أن الوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة ، بينما الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريقة التبرع سواء كان في الأعيان أو في المنافع .
2 - أن الوقف يلزم ولا يجوز الرجوع فيه في قول عامة أهل العلم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر : « إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها فتصدَّقَ » .
أما الوصية فإنها تلزم ويجوز للوصي أن يرجع في جميع ما أوصى به أو بعضه .
3- الوقف يخرج العين الموقوفة عن التمليك لأحد وتخصيص المنفعة للموقوف عليه، بينما الوصية تتناول العين الموصى بها أو منفعتها للموصى له .
4- تمليك منفعة الوقف يظهر حكمها أثناء حياة الواقف وبعد مماته، وللتمليك في الوصية لا يظهر حكمه إلا بعد موت الموصي .
5- الوقف لا حد لأكثره بينما الوصية لا تتجاوز الثلث إلا بإجازة الورثة .
6- الوقف يجوز لوارث والوصية لا تجوز لوارث إلا بإجازة الورثة .
5 - الوصية:
أ- تعريف الوصية :
الوصية هي الأمر بالتصرف بعد الموت ويتضمن إيصال الأمانات والتبرع بالمال وتزويج البنات وغسل الميت والصلاة عليه وتفرقة الثلث وغير ذلك .
ب- الأصل في مشروعية الوصية :
الأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ } [ البقرة : 180] .
وقال صلى الله عليه وسلم : « ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة » .
ج- ما تنعقد به الوصية :
1 - العبارة .
2 - الكتابة .
3 - الإشارة المفهمة .
أولا : العبارة : لا خلاف بين الفقهاء في انعقاد الوصية باللفظ الصريح . مثل أوصيت لفلان بكذا، أو غير الصريح الذي يفهم منه الوصية بالقرينة كجعلت له بعد موتي كذا أو اشهدوا أني أوصيت لفلان بكذا .
ثانيا : الكتابة إذا صدرت من عاجز عن النطق كالأخرس ومعتقل اللسان إذا امتدت عقلته أو صار ميئوسا من قدرته على النطق .
ثالثا : الإشارة المفهمة، وتنعقد الوصية من الأخرس أو معتقل اللسان بالإشارة المفهمة بشرط أن يصير معتقل اللسان ميئوسا من نطقه .
د- حكم الوصية :
الوصية مشروعة ومأمور بها، قال جل وعلا : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ } . . . . [المائدة : 106] .
هـ- أنواع الوصية :
1 - الوصية الواجبة :
وتكون على من عليه دين وفي ذمته حقوق ولديه أمانات وعُهد فإنه يجب عليه أن يوضح ذلك كله بالكتابة الواضحة الجلية التي تحدد الديون إن كانت حالة أو مؤجلة ، وما لديه من أمانات وعُهَد وذلك حتى يكون الوارث على أمر واضح حين التصرف فيما وكل إليه .
2 - الوصية المسنونة :
والمرغب فيها ، وهي التي تكون في ثلث المال فما دون لغير وارث . فهذه مستحبة وتصرف في أعمال البر وطرق الخير سواء كانت خاصة كلفلان قريبا كان أو أجنبيا أو لجهة معينة كالمسجد الفلاني أو لجهات عامة كالمساجد والمدارس والمكتبات والملاجئ والمشافي ونحوها .
و- قدر الوصية :
لا يجوز أن تتجاوز الوصية الثلث ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال : « أوصي بمالي كله ؟ قال : "لا" قال : بالشطر ؟ قال : "لا" قال : بالثلث ؟ قال : "الثلث والثلث كثير » [متفق عليه] .
ولا يجوز الوصية لوارث أو لأجنبي في أكثر من الثلث إلا بإجازة الورثة .
ز- ما يعتبر لصحة الوصية :
1 - أن تكون بالمعروف أي بالعدل .
2 - أن تكون على ما شرعه اللّه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم .
3 - على الموصي أن يخْلص عمله للّه وأن يقصد بوصيته أعمال البر والخير .
ح- ما يشترط في الموصي :
1 - أن يكون أهلا للتبرع .
2 - أن يكون مالكا .
3 - أن يكون راضيا مختارا .
ط- ما يشترط في الموصى له :
1 - أن يكون على جهة بر أو مباح .
2 - أن يكون الموصى له موجودا وقت الوصية تحقيقا أو تقديرا وعلى ذلك تصح الوصية للمعدوم .
3 - أن يكون الشخص معلوما .
4 - أن يكون أهلا للتملك والاستحقاق .
5 - أن يكون غير قاتل .
6 - يشترط في الموصى له ألا يكون وارثا .
ي- ما يشترط في الموصى به :
1 - أن يكون مالا قابلا للتوارث .
2 - أن يكون المال الموصى به متقوما في عرف الشرع .
3 - أن يكون قابلا للتمليك وإن كان معدوما وقت الوصية .
4 - أن يكون الموصى به مملوكا للموصي أثناء الوصية .
5- أن لا يكون الموصى به معصية أو محرما شرعا .
ك- إثبات الوصية :
يندب بالاتفاق كتابة الوصية وبدؤها بالبسملة والثناء على اللّه بالحمد ونحوه والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ثم إعلان الشهادتين كتابة أو نطقا بعد البسملة والحمد للّه والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
ل- أنواع ا لأوصياء :
أنواع الأوصياء ثلاثة :
1- وصي الحاكم .
2- وصي القاضي .
3- الوصي المختار لواحد من أفراد المسلمين .
م- مبطلات الوصية :
1- الرجوع عن الوصية بتصريح أو دلالة .
2- تعليق الوصية على شرط لم يتحقق .
3- عدم وجود تركة تكون محلا للوصية .
4- زوال أهلية الموصي .
5- ردّة الموصي عن الإسلام عند بعض أهل العلم .
6- رد الوصية من قبَل الموصي له .
7- موت الموصى له المعيَّن قبل موت الموصي .
8- قتل الموصى له الموصي .
9- هلاك الموصى به المعين أو ظهور استحقاقه .
10- تبطل الوصية إذا كانت لوارث ولم يجزها الورثة .
القسم الثالث:
الأحوال الأسرية:
النكاح وأحكامه وشروطه:
القسم الثالث : الأحوال الأسرية:
النكاح:
حكمة مشروعية النكاح :
- النكاح من سنن الإسلام التي رغَّب فيها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : « يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء » [رواه الجماعة] .
- من حكمة الزواج :
1 - الزواج بيئة صالحة تؤدي إلى ترابط الأسرة، وتبادل المحبة، وإعفاف النفس، وصيانتها عن الحرام .
2 - الزواج خير وسيلة لإنجاب الأولاد، وتكثير النسل مع المحافظة على الأنساب .
3 - الزواج أحسن وسيلة لإرواء الغريزة الجنسية وقضاء الوطر مع السلامة من الأمراض .
4 - وفي الزواج إشباع لغريزة الأبوة والأمومة التي تنمو بوجود الأطفال .
5 - وفي الزواج سكن، وطمأنينة، واحتشام، وإعفاف للزوج والزوجة . . . إلخ .
تعريف النكاح لغة وشرعا :
النكاح في اللغة :
الوطء والجمع بين الشيئين وقد يطلق على العقد . تقول : نكح فلانة إذا عزم على أن يتزوجها وعقد عليها، وإذا قلت : نكح امرأته أي جامعها .
والنكاح شرعا :
عقد يعتبر فيه لفظ إنكاح أو تزويج في الجملة والمعقود عليه منفعة الاستمتاع أو الازدواج أو المشاركة .
حكم النكاح :
يُسن لذي شهوة لا يخاف الزنا، ويجب على من يخافه، ويُباح لمن لا شهوة له كالعنين والكبير، ويحرم بدار الحرب، لغير ضرورة .
صيغه :
ينعقد النكاح بكل لفظ يدل عليه، وبأي لغة، فيقول : زوجت أو نكحت، أو يقول : قبلت هذا النكاح، أو تزوجتها، أو تزوجت أو رضيت، ويُستحب أن يكون باللغة العربية ومن لم يعرفها أدى الإيجاب أو القبول بلغته .
أركان النكاح :
له ركنان :
1 - الإيجاب وهو : اللفظ الصادر من الولي، أو من يقوم مقامه بلفظ إنكاح أو تزويج ممن يحسن العربية، لأنهما اللفظان الوارد بهما القرآن، قال تعالى : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ } [النساء : 3] .
2- القبول وهو : اللفظ الصادر من الزوج، أو من يقوم مقامه .
بلفظ : قبلت ، أو : رضيت هذا النكاح، أو : قبلت فقط . ويكون الإيجاب سابقا للقبول إلا بقرينة .
شروط النكاح أربعة وهي :
1 - تعيين الزوجين .
2 - رضا الزوجين فلا يجوز إكراه أحدهما على الآخر ، وتستأذن البكر والثيب، والإذن "صمات البكر، ونطق الثيب " ولا يشترط ذلك من مجنون ومعتوه .
3- الولي ، ويشترط أن يكون ذكرا حرا بالغا عاقلا رشيدا عدلا ويشترط الاتفاق في الدين، وأبو المرأة أحق بتزويجها، ثم وصيه في النكاح، ثم جدها لأب وإن علا، ثم ابنها وإن نزل، ثم أخوها لأبوين، ثم لأب ثم ابناهما كذلك، ثم عمها لأبوين، ثم لأب، ثم بنوهما، ثم أقرب العصبة نسبا ثم السلطان .
4- الشهادة ، فلا يصح النكاح إلا بشاهدين عدلين ذكرين مكلفين .
5- خلو الزوجين من الموانع .
ما يسن وما يحرم في النكاح :
- يُسن نكاح امرأة واحدة لمن خاف عدم العدل، دينة، أجنبية، بكر، ولود، جميلة .
- يستحب لمن أراد خطبة امرأة أن ينظر منها إلى ما ليس بعورة ، وما يدعوه إلى نكاحها بلا خلوة ليكون على بيَّنة من أمره ، وللمرأة أن تنظر إلى خطيبها كذلك .
- إن لم يتيسر للخطيب النظر إليها، بعث إليها امرأة ثقة تتأملها ثم تصفها له .
- يحرم على الرجل أن يخطب على خطبة أخيه حتى يذر أو يأذن .
- يباح التصريح ، والتعريض في خطبة المعتدة لمن طلقها طلاقا بائنا دون الثلاث .
- يحرم التصريح ، والتعريض لمطلقة رجعية في عدتها .
- يسن العقد يوم الجمعة مساءً ؛ لأن فيه ساعة إجابة ويسن بالمسجد إن تيسر .
القسم الرابع: أحكام خاصة بالمرأة المسلمة:
تمهيد :
لمَّا كان خطاب الشارع إلى المكلفين ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
1- قسم خاص بالرجل .
2- قسم خاص بالمرأة .
3- وقسم مشترك بينهما .
أحببت في هذه المسائل أن أذكر أهم الأحكام الفقهية التي تخص المرأة ومعظم الأحكام التي يشترك فيها الرجل والمرأة ذكرتها قبلُ في الأقسام الثلاثة التي تقدمت .
وإليك هذه المسائل مفصلة :

مسائل خاصة بالمرأة:
 
المسألة الأولى :
حكم المسح على الباروكة : لبس الباروكة جائز للحاجة .
فإذا احتاجت المرأة إلى لبس الباروكة فإنها لا تمسح عليها عند وضوئها للصلاة ؛ لأنها ليست خمارا ولا في معنى الخمار؛ ولأنه لا بد من المسح على الرأس مباشرة أو على الشعر الذي خلقه اللّه .

المسألة الثانية :
طلاء الأظافر : تتعمد بعض النساء فيضعن على أظافرهن طلاءً (كالمناكير والإكلادور) مما يحجب وصول الماء إلى البشرة ، وهو لا يجوز ، بل يشترط وضعها على طهارة ويزال عند الوضوء مرة أخرى .

المسألة الثالثة :
الحيض : هو دم يخرج من قُبُل المرأة حال صحتها من غير سبب ولادة أو افتضاض .
ويرى كثير من الفقهاء أن وقته يبدأ عند بلوغ الأنثى تسع سنين ، فإذا رأت الدم قبل بلوغها هذا السن لا يكون دم حيض بل دم علة وفساد وقد يمتد إلى آخر العمر والغالب أنَّه ينقطع عند بلوغ سنّ الخمسين .
وأنواعه ستة : السواد والحمرة والصفرة والكدرة والخضرة والترابية .
وأقل الحيض يوم وليلة، وأوسطه خمسة، وأكثره خمسة عشر يوما، وغالبه ست أو سبع .
وأقل الطهر الفاصل بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما غالبا وقد يكون أقل من ذلك أو أكثر .
ويمنع الحيض الصلاة والصوم ودخول المسجد وقراءة القرآن في المصحف والطواف والجماع كما أنه علامة على البلوغ .

المسألة الرابعة :النفاس : هو الدم الخارج من الفرج عقب الولادة أو خروج أكثر الولد ولو سقطا استبان خَلقُه .
ومدة النفاس : أربعون يوما غالبا وليس لأقله مدة معينة . وإذا ولدت المرأة توأمين- فتعتبر مدة نفاسها من الأول لا من الثاني .
ويمنع النفاس الأشياء التي يمنعها الحيض كالصوم والصلاة وهكذا . . .

المسألة الخامسة :الاستحاضة : الاستحاضة هي سيلان الدم في غير وقت الحيض والنفاس من أدنى الرحم فكل ما زاد على أكثر مدة الحيض أو النفاس أو نقص عن أقله أو سال قبل سن الحيض- وهو تسع سنين- فهو استحاضة . وحكم الاستحاضة أنها حدث دائم لا يمنع صلاة ولا صوما .
والمستحاضة تتوضأ لكل صلاة . ويجوز لزوجها مجامعتها .
والدم الذي تراه الحامل يعد من قبيل الاستحاضة .

المسألة السادسة :
تنهى المرأة عن حلق شعرها إلا لحاجة ، ويحرم عليها النمص والوشم ووصل الشعر والتفلج (1) لأن النبي صلى الله عليه وسلم « لعن الفاعلة والمفعول بها » [رواه السبعة] .
ويحرم على المرأة وضع الطيب إلا لزوجها، وبين النساء .

المسألة السابعة :
_________
(1) النمص : إزالة شعر الحاجبين أو ترقيقهما . والوشم : وهو وخز الجلد بإبرة ونحوها حتى يسيل الدم ثم حشو ذلك الموضع بمادة ملونة . والتفلج : هو ترقق الأسنان بمبرد إظهارا للصغر وحسن الأسنان .
عورة المرأة : المرأة كلها عورة عند وجود الرجال الأجانب فيجب عليها أن تتحجب عن الرجال الأجانب كما لا يجوز لها الخلوة بالرجل الأجنبي .
ولا تسافر إلا مع ذي محرم منها، وهو من تحرم عليه على التأبيد بسبب مباح من نسب أو مصاهرة أو رضاع .
وتستر المرأة في الصلاة جميع بدنها إلا وجهها وكفيها وقدميها ويجب ستر ذلك إذا كانت بحضرة رجال أجانب ويستحب ستر كفيها وقدميها مطلقا .
والساتر من اللباس ما كان فضفاضا كثيفا، لا يشبه لباس الرجل، ولا يكون مشجرا يجذب الأنظار ولا يشبه لباس الكافرات ولا يكون لباس شهرة .

المسألة الثامنة : (زينة المرأة) :
للمرأة زينة منها ما هو حل لها ومنها ما هو محرم عليها، فيباح للمرأة الطيب والذهب والفضة والحرير ولبس المعصفر .
ويحرم عليها الزينة المقصود بها الشهرة والخيلاء، وإلفات نظر الناس إليها والطيب الذي تفوح رائحته والإبداء أمام غير المحارم .

المسألة التاسعة : (صوت المرأة) :
صوت المرأة ليس بعورة إلا إذا حاولت ترخيمه وترقيقه وإفتان الناس به وبالغت في ذلك .
وأما غناؤها فإنه حرام وقد ولع به الكثير في زماننا واتخذوه وسيلة جذب وجمع للمال . والغناء حرام في حق الرجال وهو في حق النساء أشد حرمة . ويجوز منه للمرأة ما كان في مناسبات الأفراح والأعياد وفي وسط نساء بحت ، وبألفاظ محمودة شرعا وبدون موسيقى .

المسألة العاشرة :
يجوز للمرأة أن تغسّل ولدها الصغير وزوجها، كما يجوز لها الصلاة على الجنازة كالرجل، لكن لا يجوز لها اتباع الجنائز وتشييعها، ولا يجوز لها زيارة المقابر، وتنهى عن النياحة والندب ولطم الخدود وشق الجيوب ونتف الشعور، وكل ذلك من أمر الجاهلية وهو من كبائر الذنوب .
ولا يجوز للمرأة أن تحد على غير زوج أكثر من ثلاثة أيام وأما على الزوج فتحد وجوبا أربعة أشهر وعشرا، وعليها القرار في بيت الزوجية وتجنب الزينة والطيب، وليس للإحداد لباس معين .
المسألة الحادية عشرة :
للمرأة أن تتحلى بما أباح اللّه لها من الذهب والفضة بما جرت به العادة عرفا ، وعليها تجنب السرف والخيلاء في ذلك .
وليس فيما تلبسه من حُلي الذهب والفضة زكاة إذا كان مستعملا استعمالا يوميا أو للمناسبات .

المسألة الثانية عشرة :
يجوز للمرأة أن تتصدق من مال زوجها بغير إذنه مما جرت العادة به إذا علمت رضاه لذلك ، ويجوز لها أن تعطيه زكاة مالها إذا كان من أهل الزكاة ، وإذا كان زوجها بخيلا لا ينفق النفقة الواجبة فلها أن تأخذ من ماله بغير إذنه ما يكفيها وولدها بالمعروف .

المسألة الثالثة عشرة :
يباح للحامل والمرضع الفطر إذا خافتا الضرر على أنفسهما وولدهما أو على أنفسهما فقط ، وعليهما في هاتين الحالتين القضاء دون الفدية . أما إن خافتا على ولدهما فقط فعليهما القضاء والفدية . هذا بالنسبة للحامل أما المرضع فإن قبل الطفل ثدي غيرها وقدرت أن تستأجر له أو كان له مال يستأجر منه من ترضعه استأجرت له ولا تفطر، وحكم المستأجرة للرضاع حكم الأم فيما تقدم .
وليس للمرأة أن تصوم صوم تطوع بغير إذن زوجها إذا كان حاضرا شاهدا .

المسألة الرابعة عشرة :
ليس للرجل أن يمنع زوجته من حج الفرض، وإذا استأذنته يتعين عليه الإذن لها والتعاون معها فيما يمكنها من أداء فريضة اللّه عليها، وأما حج التطوع فله منعها إذا ترتب على ذلك إخلال بمصلحته أو بمصلحة أولادها .

المسألة الخامسة عشرة :
تلبس المرأة في إحرامها ملابسها العادية وتتجنب عند إحرامها :
1- الثوب الذي مسه الطيب .
2- القفازان .
3- النقاب .
4- الثوب المعصفر .

المسألة السادسة عشرة :
النفساء والحائض تغتسل وتحرم وتقضي المناسك كلها غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر فإذا طهرت طافت بالبيت .

المسألة السابعة عشرة :
تشرع التلبية للحاج ويرفع الرجال أصواتهم بها وتسرّها النساء، وليس للمرأة أن ترمل لا في الطواف ولا في السعي، ولا ترفع صوتها بالدعاء ولا تزاحم عند الحجر الأسود ولا غيره .

المسألة الثامنة عشرة :
الحلق والتقصير نسك في الحج والعمرة، ويقوم التقصير للمرأة مقام الحلق بالنسبة للرجل إذ لا يجوز للمرأة حلق رأسها .
وصفة التقصير لها أن تقص من كل ضفيرة قدر أنملة أو تجمع شعرها إذا لم يكن ضفائر وتقص منه هذا القدر .

المسألة التاسعة عشرة :
يستحب تعجيل طواف الإفاضة للنساء يوم النحر إذا كن يخفن مبادرة الحيض . وكانت عائشة - رضي اللّه عنها- تأمر النساء بتعجيل الإفاضة يوم النحر مخافة الحيض، وليس على الحائض طواف الوداع إذا أدت طواف الإفاضة وكانت حال خروجها من مكة حائضا .

المسألة العشرون :
لا يحل لمسلمة الزواج من غير مسلم سواء أكان مشركا- شيوعيا أو هندوسيا أو غيره- أو من أهل كتاب، ذلك لأن للرجل حق القوامة على زوجته وعليها طاعته، وهذا معنى الولاية، فلا يحق لكافر أو مشرك أن تكون له ولاية وسلطان على من تشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم .

المسألة الحادية والعشرون :
الحضانة هي القيام برعاية الصغير أو الصغيرة أو المعتوه الذي لا يميز .
وللأم حق حضانة الصغير والصغيرة وتجبر على ذلك إن امتنعت، ويليها في هذا الحق أمها ثم أمهاتها القربى فالقربى ثم الأب ثم أمهاته كذلك، ثم الجد ثم أمهاته كذلك ، ثم الأخت لأبوين ثم لأم ثم لأب ثم عماته، ثم خالات ثم خالات أمه ثم خالات أبيه ثم عمات أبيه ثم بنات إخوته ثم بنات أعمامه وعماته ثم بنات أعمام أبيه وبنات عمات أبيه ثم لباقي العصبة الأقرب ثم لذي أرحامه ثم للحاكم .
وعلى الأب دفع أجرة الحضانة لمن طلبه، ويشترط في الحضانة البلوغ والعقل والقدرة على التربية والأمانة والخُلُق والإسلام وأن لا تكون متزوجة فإن تزوجت سقط حقها في الحضانة، وإذا بلغ الغلام سبعا خُيِّر بين أبويه وكان مع من اختار منهما، والأنثى أحق بها أبوها بعد سبع حتى يتسلمها زوجها .

المسألة الثانية والعشرون :
علماء المذاهب الأربعة متفقون على وجوب تغطية المرأة جميع بدنها عن الرجال الأجانب وسواء منهم من يرى أن الوجه والكفين عورة ومن يرى أنهما غير عورة يرونه في هذا الزمان لفساد أكثر الناس ورقة دينهم وعدم تورعهم عن النظر المحرم إلى المرأة .

هذا ما تيسر جمعه وتأليفه في هذه العُجالة سائلا المولى العلي القدير أن ينفع به ، واللّه من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل .
د . صالح بن غانم السدلان
أستاذ الفقه بكلية الشريعة - الرياض
وكان الفراغ منه غرة ذي الحجة
الحرام سنة 1413 هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بث مباشر للمسجد الحرام بمكة المكرمة